تاثير البشر على البئية (7) التصحر
أ. د. أحتيوش فرج أحتيوش
لقد كان الماء في البدء ثم الحياة، والتصحر فقدان للماء اي فقدان للحياة أولم يجعل الله من الماء كل شئ حي؟
فهل سنستمر في العبث بما حبانا الله به غير شاكرين لنعمه؟ أولم نعي بعد قول الله تعالى؟
((قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ)) الملك 30
((أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا)) الكهف 41
مقدمة
التصحر وتعرية التربة قديمة قدم القارات نفسها، وتعرية التربة المتسارعة هي تلك التي يثيرها العامل البشري، وهي قديمة مثل الزراعة بل اقدم كثيرا على نطاق صغير، فبين الفيتين قبل الميلاد و الفيتين بعد الميلاد، اي خلال 4000 سنة مضت، ومع نمو الدول والاقتصاديات والسكان، ومع جعل الأدوات الحديدية تنظيف الغابات أسهل، وحيثما تم قطع أو حرق النباتات القائمة لإفساح المجال للمحاصيل أو الحيوانات، كانت النتيجة تسريع التعرية، واليوم يتسبب الناس في حوالي 60 إلى 80 في المائة من تعرية التربة، ونستطيع أن نقول أن تلك النسبة قد بلغت أقصى مدى لها الآن، وتعرية التربة خطرا متعددا إضافة إلى كونه قديم، فتبدد التربة من حقول المزارعين يخفض غلة المحاصيل، والتربة المفقودة تذهب إلى أماكن أخرى، وكثيرا ما تجد مستقر غير مريح من وجهة النظر البشرية، وتنتهي التربة المتعرية إلى الخزانات والبحيرات لتؤثر في الحياة المائية، وعندما ازدهرت حيوانات المرعى، حللت حوافرها تماسك التربة أكثر فأكثر، وضاعف هذا النبض من تعرية التربة، ووقتها كان أستصلاح الأراضي بالمعازق وعصى الحفر لكن ليس المحاريث الذي استمر لقرون، لكن بعد حوالي 1900، ادخل المزارعون المحاريث والزراعة التجارية، حيث زرعوا القمح والتبغ والبن والمحاصيل الأخرى وهذه أثارت موجة تعرية، وتلعب نوبات الجفاف الواسعة والتأثير الحاد لعدم الاستقرار الاقتصادي دوراً هاماً في تعرية التربة العالمية، وشجعت زراعة المحاصيل النقدية تنظيف وزراعة الغابات المدفوع بالضغط السكاني، الذي ادى الى زراعة مساحات اكبر من الأرض وإتباع دورات محصولية تركت التربة دون غطاء نباتي خلال فصل المطر وضاعت طرق مقاومة التعرية المألوفة عند المزارعين حيث الحاجة إلى مضاعفة الإنتاج الغذائي ومع تقصير المزارعين لفترات إراحة التربة وتنظيف أراضي جديدة تفاقمت مشاكل التعرية، بالرغم من ان اجتماع الاستخدام الكثيف للأسمدة في الدرجة الأولى، والهندسة الوراثية للمحاصيل بصفة رئيسية، والخدع السحرية الأخرى للزراعة العلمية قد حجبت تأثيرات تعرية وتدهور التربة، وفي المقاييس الزمنية البشرية المعروفة برهنت تعرية وتدهور التربة على أنها ستكون مشكلة محلية، وليست عامة، وفي المقاييس الزمنية الجيولوجية أيضا، يبدو أن تأثير التعرية إنسانية المنشأ ثانوية،عدا أماكن قليلة، وفي المتوسط تعرت صخور الأرض وترسبت فوق قيعان المحيطات في صورة رواسب، وتصلبت إلى صخر من جديد واندفعت صاعدة فوق مستوى سطح البحر، فقط لتتعرى من جديد، وبعد ذلك وصلت شركات الخشب كانت النتيجة زحزحة سريعة وشاملة على نحو غير مألوف في الدرجة الأولى، ورفعت سرعة التعرية إلى حد اعتبارها اكثر المشاكل البيئة حدة، زادتها تفاقماً التحولات الفنية في الزراعة، خاصة استعمال الآليات الثقيلة، حين زادت أحجام الجرارات الزراعية بسرعة، وقاد تلوث الهواء الصناعي والاستعمال الكثيف لأسمدة النتروجين إلى حموضة التربة، والظاهرة الأكثر حسما هي أن العمران وبناء الطرق دفنت التربة، كل هذه التغيرات في التربة قلصت الغطاء النباتي وخلق جريان مياه ألامطار فيضانات أكثر وترشيح اقل وبهذا شجعت التعرية
وتعد ظاهرة التصحر من المشاكل المهمة وذات الاثار السلبية لعدد كبير من دول العالم، تلك التي تقع تحت ظروف مناخية جافة او شبه جافة او حتى شبه رطبة، وظهرت مشكلة التصحر مؤخرا في العقدين الاخريين بشكل كبير، وذلك التأثير السلبي الذي خلفته على جميع الاصعدة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وعلى الرغم من قدم ظاهرة التصحر لكنها في الفترة الاخيرة تسارعت وتفاقمت الى الحد الذي اصبحت معه تهدد مساحات كبيرة جدا واعدادا هائلة من البشر بالجوع والتشرد
تعريف التصحر
وفقاً لأحدث تعريف أُقر في عام 1994 ضمن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر فإن هذه الظاهرة تعني “تراجع خصوبة التربة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة وفي المناطق الجافة وشبه الرطبة، وهذا ينتج عن عوامل مختلفة منها التغيرات المناخية والنشاطات البشرية”، ودراسة التصحر تعتبر جديدة نسبياً حيث ظهر أول نص علمي يحمل هذه التسمية قبل حوالي 50 سنة، وكانت أول خريطة للتصحر قد خُطت من قبل الهيئات التابعة الأمم المتحدة في عام 1977 حيث تزامن ذلك مع انعقاد مؤتمر التصحر التابع للأمم المتحدة في نيروبي في كينيا
فالتصحر هو تدهور الأراضى المزروعة فى المناطق الجافة أو شبه الجافة وشبه الرطبة والقاحلة وشبه القاحلة وذلك بسبب التغيرات المناخية وأيضا بسبب الأنشطة البشرية وعادة ما يصحب التصحر انخفاض فى القدرة الطبيعية للأراضى وفقدان قدرة الأرض على الإنتاج الزراعي ودعم الحياة الحيوانية والبشرية وأيضا نفاد الموارد المائية السطحية ومياه الآبار، ولكن من ناحية أخرى فإن أهم الآثار السالبة الأكثر وضوحا للتصحر هو تدهور الأحوال المعيشية والاقتصادية للأفراد وللمجتمعات التى تزاول أنشطتها الزراعية فى المناطق التى تصاب بالتصحر
ولا يعني التصحر زحف الصحراء، ولو أنه يمكن أن يشتمل على غزو الكثبان الرملية للأراضي، وإنما يعني التدهور المستمر للنظم البيئية للأراضي الجافة نتيجة الأنشطة البشرية والتقلبات المناخية، كما يعتبر واحداً من أخطر التحديات التي تواجه التنمية في عصرنا هذا، نظراً لتأثيره الشديد على رفاه الإنسان وعلى البيئة
وتحدث ظاهرة التصحر عند اقتلاع الغطاء الشجري والنباتي الذي يكفل تماسك التربة، فيحدث التصحر عندما تُقطع الأشجار والشجيرت للحصول على الحطب والخشب، أو لتمهيد الأرض للزراعة، كما أنها تحدث نتيجة التهام الحيوانات للحشائش وتعريتها للطبقة العلوية من التربة بارجلها واخفافها، وتنشأ هذه الظاهرة أيضاً بفعل الزراعة الكثيفة الجائرة كماً ونوعاً، والتي تستنفد العناصر المغذية من التربة، وتؤدي التعرية الناجمة عن الرياح والمياه إلى تفاقم الأضرار، وجرف التربة العلوية مما يخلف مزيجاً مجدباً من الغبار والرمل، وبفعل تعدد هذه العوامل وتكاتفها تتحول الأراضي المتدهورة إلى صحراء، وثمة عوامل عديدة تسهم في التصحر، ففترات الجفاف المطولة يمكن أن تلحق أضراراً جسيمة بالأراضي، وقد يضطر السكان بفعل النزاعات إلى النزوح إلى مناطق هشة بيئياً، مما يخلق ضغطاً مفرطاً على الأراضي. ويمكن لأنشطة التعدين أن تحدث الضرر بدورها، وسيؤدي التغير المناخي خلال السنوات المقبلة إلى التعجيل بوتيرة التصحر في بعض المناطق، ويمكن لآثار التصحر أن تكون مدمرة للغاية، فالتصحر يضعف من قدرة الأراضي على مجابهة تغيرات المناخ الطبيعية، كما أنه يعرقل الدورة الطبيعية للمياه والعناصر المغذية، ويؤدي التصحر كذلك إلى زيادة شدة الرياح القوية والحرائق الهائلة، ويمكن لآثار العواصف الغبارية والترسيب في المياه والجداول أن تظهر على بعد آلاف الكيلومترات من المناطق التي نشأت فيها المشكلات، وتعتبر كلفة التصحر باهظة، وليس من الناحية الاقتصادية وحدها. فالتصحر يمثل تهديداً للتنوع البيولوجي. كما يمكن أن يتسبب بفترات طويلة من المجاعات في البلدان الفقيرة أصلاً وغير القادرة على تحمل خسائر زراعية جسيمة، وفي كثير من الأحيان، يضطر الفقراء الريفيون الذين يعتمد بقاؤهم نفسه على الأرض إلى الهجرة أو التعرض للموت جوعاً، ولا يعني التصحر الجوع والموت للعالم النامي فحسب، بل إنه يزيد من التهديدات المحدقة بأمن الجميع في العالم، ويمكن لشح الموارد أن يؤدي إلى اندلاع الحروب، والاضطرابات الاجتماعية، وعدم الاستقرار السياسي، والهجرة، ويُعتبر كبح التصحر بالنسبة للملايين من الناس مسألة حياة أو موت، وليس التصحر بالقدر المحتم على الدوام. إذ يمكن ضبط العوامل البشرية، مثل الرعي الجائر وإزالة الغطاء النباتي، عبر النهوض بالممارسات الزراعية والرعوية، وثمة عوامل أخرى يمكن التنبؤ بها والتعامل معها بصورة استباقية مثل ارتفاع درجات الحرارة، وصد يكون من المستطاع أحياناً استصلاح الأراضي المتدهورة واسترداد خصوبتها، وفي كثير من الحالات، تتضمن الطرق المثلى لاستصلاح الأراضي استخدام المعارف والتقنيات التقليدية والأصلية لإدارة الأراضي، إلا أن جهود الاستصلاح يمكن أن تفشل أو أن تخلِّف في نهاية المطاف أثراً سلبياً على النظم الإيكولوجية، والرفاه البشري، وجهود خفض معدلات الفقر، وهكذا فإن الحد من الأضرار في المقام الأول هو السبيل الأقل تكلفة ومخاطرة
درجات التصحر
تختلف حالات التصحر ودرجة خطورته، وهناك أربع درجات أو فئات لحالات التصحر حسب تصنيف الأمم المتحدة للتصحر
1- تصحر اولي خفيف وهو حدوث تلف أو تدمير طفيف جدا في الغطاء النباتي والتربة ولا يؤثر على القدرة البيولوجية للبيئة، ويحدث فيه تغير نوعي وكمي للغطاء النباتي والتربة
2- تصحر متوسط وهو تلف بدرجة متوسطة للغطاء النباتي وتكوين كثبان رملية صغيرة أو أخاديد صغيرة في التربة وكذلك تملح للتربة مما يقلل الإنتاج بنسبة 10-15 % ، ويحدث فيه انجراف وتعرية خفيفة للتربة وانخفاض ملحوظ في الانتاج النباتي
3- تصحر شديد وهو انتشار الحشائش والشجيرات غير المرغوبة في المرعى على حساب الأنواع المرغوبة والمستحبة وكذلك زيادة نشاط التعرية مما يؤثر على الغطاء النباتي وتقلل من الإنتاج بنسبة تصل إلى 50% ، ومن نتائجه زيادة معدل الانجراف وانخفاض كبير في الانتاجية
4- تصحر شديد جدا وهو تكوين كثبان رملية كبيرة عارية ونشطة وتكوين العديد من الأخاديد والأودية وتملح التربة ويؤدى إلى تدهور التربة وهو الأخطر في أنواع التصحر، وتصبح فيه الاراضي جرداء وتنعدم قدراتها الانتاجية وتتحول الى كثبان رملية او حواف صخرية او اراضي مالحة
أشكال التصحر
يمكن تحديد أشكال التصحر أو مظاهره الرئيسة والتي تعد أحياناً أسباباً له بما يأتي
1ـ التآكل او الانجراف
يرجع السبب الرئيس لتنامي انجراف التربة إلى الاستعمال غير المرشَّد للأراضي، وخاصة في الظروف الطبيعية المساعدة على ذلك في النظم البيئية الهشة، لذلك يجب التمييز في هذا المجال بين العوامل الاجتماعية، الاقتصادية من جهة والعوامل الطبيعية من جهة أخرى، ولقد بدأ تطور عمليات الانجراف بالوضوح منذ بداية مرحلة الزراعة واستثمار الغابات والمراعي وغيرها من الموارد الطبيعية، أما العوامل الطبيعية للانجراف فتشمل الظروف المناخية وبخاصة شدة هطول الامطار وسرعة الرياح وشكل التضاريس وانحدارها، ونوعية الصخور وخصائص التربة ونوعية الغطاء النباتي وكثافته
يقسم التآكل والانجراف تبعاً لعوامل حدوثه إلى انجراف مائي وانجراف ريحي
أ ـ الانجراف المائي: نتيجة هطول الامطار والسيول والفيضانات، وبالرغم من أن كمية هطول الامطار السنوي قليلة في المناطق المتأثرة بالتصحر، الا ان طبيعة الهطل الذي يحدث أحياناً بصورة عواصف مطرية يجعل الانجراف المائي في هذه المناطق شديداً، إذ إن دور الغطاء النباتي المتفرق والمتدهور يكون ثانوياً في درء خطورة هذا الانجراف، ونتيجة لهذا الانجراف تُفقد الطبقات السطحية للتربة أو أجزاء منها وهي الأكثر خصوبة، فتغدو التربة ضحلة أو قليلة العمق أو حتى قد تزاح كلية مخلفة وراءها فتاتاً صخرياً عديم الخصوبة وتترسب المواد المنجرفة في البحيرات والسدود مؤدية إلى إطمائها وتقليل سعتها التخزينية من جهة وإلى عرقلة عمليات توليد الطاقة من جهة أخرى، كما قد تتوضع تلك المجروفات في الحقول المزروعة لتدمر المحاصيل الزراعية والطرقات وغيرها من منشآت مختلفة
ب ـ الإنجراف الريحي: تتعرض جميع الأراضي للإنجراف الريحي بدرجات متفاوتة، وقد يشكل هذا الإنجراف في بعض الحالات خطورة لا تقل عن الانجراف المائي، وتشاهد هذه الحالات بصورة واسعة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة حين تكون خالية من الغطاء النباتي الطبيعي، وتؤدي إلى فقد أجزاء من التربة السطحية الخصبة، إضافة إلى انتقال الغبار وزحف الرمال على طرق المواصلات أو المناطق السكنية فضلاً عن تأثيراتها الضارة على الصحة
2ـ التملح: يعني زيادة تراكم الأملاح سهلة الذوبان في الماء ضمن قطاع التربة مما يؤدي إلى انخفاض إنتاجيتها، حتى إذا وصلت نسبة الأملاح المذكورة حداً معيناً خرجت الترب عن نطاق الاستثمار الزراعي لتنتهي إلى أراض صحراوية، وتنتج ملوحة التربة بصورة رئيسة عن ري الأراضي بمقننات مائية كبيرة تعمل على رفع مستوى المياه الجوفيه أو عن الري بمياه مالحة
3ـ الجدب: يؤدي استنزاف المياه الجوفية، وخاصة القريبة من السطح، إلى تفاقم عمليات التصحر والجفاف، وعندما تقل تغذية هذه المياه بسبب جفاف المناخ وانخفاض معدلات الهطل السنوية فإن ذلك سيؤثر سلباً في كمية المياه ونوعيتها
4 ـ تلوث التربة والمياه: تتعرض الموارد الأرضية والمائية لمصادر متعددة من الملوثات التي تختلف في نوعيتها، فقد تكون صلبة أو سائلة أو غازية أو حتى حية، ولعل أكثر مصادر التلوث خطورة هي المخلفات الصناعية والمعادن الثقيلة والهيدروكربونات قرب حقول النفط، إضافة إلى مبيدات الآفات الزراعية بمختلف أشكالها، كما يؤدي الإفراط في إضافة الأسمدة المعدنية إلى تلوث التربة والمياه الجوفية
5 ـ فقد مغذيات النبات من التربة: يؤدى استعمال الأراضي في الزراعة الكثيفة إلى استنزاف كثير من العناصر الغذائية وبخاصة العناصر الصغرى، مما يقود إلى تدني خصوبة التربة ومن ثمّ إلى انخفاض مقدرتها الإنتاجية
اسباب التصحر
1. عوامل مناخية
هناك خمسة عوامل هامة تؤدي إلى تعرية التربة وهي: التعرية بسبب الرياح، والمياه، وزيادة ملوحة التربة، وفقدان الأرض لخصوبتها، وضغط أو دهس التربة
•عوامل الطقس مثل انحباس المطر ، هبوب العواصف الترابية، سنوات الجفاف، تعرية التربة بسبب جريان المياه، الاحتباس الحراري، التلوث، ثقب طبقة الأوزون
• ارتفاع حرارة الجو كان سببا أساسا لزيادة تكرار موجات الجفاف المرتبطة بالأحوال الجوية
• أنماط شتى من الدوران الجوي الضخم في مواقع الأعاصير المضادة أو نظم الضغط المرتفع، فهي إذا استمرت لفترات طويلة يمكن أن تؤدي إلى حالات جوية عاصفة مثل الجفاف والفيضانات وموجات الحرارة والبرودة
• مياه الأمطار تلعب دور في تعرية التربة تتمثل في تفكك جزيئات التربة وتحميلها مع جريان المياه، بالإضافة إلى ضغط التربة، وهو ما يؤدي إلى انخفاض نفاذيتها، وحين تفقد التربة المواد العضوية بها ويزداد الطمي بها وتفقد الحياة النباتية، تتعرض الأرض لتكوين قشرة سطحية بسبب الأمطار، حيث يسدّ الطمي مسام التربة، وهو ما يؤدي إلى تكوين تلك الطبقة القشرية الرفيعة الناعمة والتي لا تنفذ المياه بشكل كبير
2. عوامل بشرية
• الاستغلال المفرط أو غير المناسب للأراضي: الذي يؤدي إلى استنزاف التربة، فالضغط الزراعي الذي يقصد به تكثيف استخدام الأرض بالزراعة أو تحميل التربة اكثر من طاقتها الحيوية يؤدي إلى حدوث تدهور في التوازن البيئي والتصحر، كذلك يعد توسع الزراعة البعلية المعتمدة على الأمطارفي مناطق تعاني أصلا من قلة الأمطار عامل مهم في صنع التصحر
• الزراعة الأحادية: وهي زراعة نوع واحد فقط من المحصول، يؤدي ذلك النوع من الزراعة إلى التعرية لسببان الأول: هو حصاد المحصول كله مرة واحدة، وهو ما يترك الأرض دون حياة نباتية واقية ضد التعرية، وبالتالي عدم تشرّب الأرض لمياه الأمطار، والثاني: هو أن المحصول قد يتعرض إلى مرض ما أو إلى إحدى الحشرات الضارة والتي بإمكانها القضاء على المحصول كله، تاركة خلفها أرض خالية من حياة نباتية
• زراعة البذور في صفوف: وهو ما يؤدي إلى خلوّ الأرض ما بين الصفوف من حياة نباتية، وبالتالي تعرضها إلى التعرية
• إراحة الأراضي لمدد قصيرة: رغبة في زيادة الإنتاج، وذلك يؤدي إلى فقدان الأرض لخصوبتها
• إزالة الغابات: التي تعمل على تماسك تربة الأرض، فقطع أشجار الغابات لاستخدامها كخشب وقود او في الصناعة يفوق الطاقة الإنتاجية للغابات؛ لذا بات تدهور الغابات والنباتات الأخرى عاملا مهما في تدهور البيئة وتوجهها نحو الجفاف
• الرعي الجائر: يؤدي إلى حرمان الأراضي من حشائشها، وزيادة أعداد الماشية، اي ما يسمى الضغط الرعوي يساهم بخلق التصحر الذي يقصد به تحميل أراضي المراعي عددا من الماشية أو أنواعا معينة منها لا تتفق وطاقة هذه المراعي على تغذيتها، فالإفراط الرعوي يؤدي إلى سرعة إزالة الغطاء النباتي كما يُفْقد الأرض الحياة النباتية بها، وهو ما يؤدي إلى زيادة تعرضها للرياح وسهولة تعريتها بمياه الأمطار وبالتالي اشتداد التعرية، والملاحظ أن تصحر الأراضي الرعوية لا يؤثر في الإنتاج الحيواني فقط لكنه يعجل بحدوث سلسة من الوقائع تؤثر في كل النظام البيئي، مثل قلة أو زوال الغطاء النباتي وما يصاحبه من تعرية التربة وزيادة خطر انجرافها، وهذا غالبا ما يقود إلى انخفاض في الإنتاجية الأولية بشكل يتعذر معالجته، ومن ثم يضعف من إمكانية البيئة على التعويض النباتي، كذلك فان الإفراط الرعوي الكمي والنوعي يعمل على إحداث تبدل نباتي بواسطة إحلال أنواع غير مرغوبة، محل الأنواع المرغوبة نتيجة الرعي المختارومن ثمة زيادة الرعي وقطع الغابات والهجرة واستيطان أماكن غير ملائمة لاستغلال مواردها بشكل مستمر
• أساليب الريّ الرديئة: يحدث التصحر في مناطق الزراعة المروية نتيجة سوء استغلال وإدارة الأراضي المروية والإسراف في ريها حيث يؤدي ذلك إلى تملح التربة، وبالتالي يتدهور إنتاجها وتبرز هذه الظاهرة في التربة ذات التصريف السيئ أو عند الري بمياه ترتفع فيها نسبة الملوحة، وفي المناطق القريبة من البحار يقود الإفراط في استهلاك المياه الجوفية إلى تداخل مياه البحر للتعويض عن الماء المستهلك وبذلك ترتفع نسبة الملوحة تدريجيا في الآبار وفي حالة السقي منها يؤدي ذلك إلى تملح التربة،كذلك استخدام الحراثة الآلية غير المتكيفة مع الظروف البيئية في المناطق الجافة يعمل على الإخلال بالتوازن البيئي ومن ثم يسرّع عملية التعرية، واستمرار الضغط على الأراضي الزراعية وتحميلها اكثر من طاقتها يؤدي في نهاية المطاف إلى تدهور إنتاجيتها وتوسع التصحر
• توسع المدن وتضخمها: الذي يحدث في اغلب الاحيان على حساب الأراضي الزراعية وذلك يؤثر سلبًا على الأراضي الزراعية ويساهم بتسريع التصحر
3. الفقر أهم أسباب التصحر حيث يؤدي إلى سوء استخدام الأراضي الزراعية من أجل إنتاج أكبر كمية ممكنة من المحصول، وهو ما يؤدي إلى تدهور التربة، وبالتالي تعريتها، والتي تمثل بداية عملية التصحر، وبالتالي يؤدي إلى هجرة أصحاب الأراضي المتصحرة داخليًّا وعبر الحدود، وهو ما يؤدي إلى زيادة الضغط على الأراضي الزراعية في البلاد المستقبلة، وهو ما يزيد من الضغوط الاجتماعية والسياسية وعدم الاستقرار السياسي أيضًا والنزاعات العسكرية ونمو السكان والفقر والتدهور البيئي يعزز كل منهم الأخر
آثار التصحر
يُعَدّ التصحر من أخطر المشكلات التي تواجه العالم بصفة عامة، والقارة الأفريقية بصفة خاصة وللتصحر آثار بيئية، واقتصادية واجتماعية
1- يتعرض حوالي 30% من سطح الأرض لخطر التصحر مؤثرًا على حياة مليار شخص في العالم وتلاحق أخطار الأمراض والموت وسوء التغذية المزمن والعجز هذه الملايين من اللاجئين بسبب استمرار الأوضاع المعيشية غير المحتملة النجم اغلبها عن التصحر والجفاف
2- فقد ثلث الأراضي الجافة في العالم بالفعل أكثر من 25% من قدرته الإنتاجية
3- يفقد العالم كل عام 10 ملايين هكتار من الأراضي بالتصحر
4- وفي عام 1988 فقط كان هناك 10 ملايين لاجئ بيئي
5- يكلف التصحر العالم 42 مليار دولار سنويًّا، في حين تقدر الأمم المتحدة أن التكاليف العالمية من أجل الأنشطة المضادة للتصحر من وقاية وإصلاح وإعادة تأهيل للأراضي لن
تتكلف سوى نصف هذا المبلغ ما بين 10 – 22.4 مليار دولار سنويًّا
6- يسهم التصحر بتغيير المناخ من خلال زيادة قدرة سطح الأرض على عكس الضوء وخفض المعدل الحالي لنتح النباتات وزيادة انبعاث الغبار وزيادة ثاني اكسيد الكربون بالغلاف الجوي
7- يؤثر تدهور الأرض وتصحرها في قدرة البلدان على إنتاج الأغذية، ويؤدي بالتالي إلى تخفيض الإمكانيات الإقليمية والعالمية لإنتاج الأغذية ويصل الى حداث العجز الغذائي في المناطق المهددة مع ما لذلك من آثار على الاحتياطات الغذائية وتجارة الأغذية في العالم
8- يؤثر على التنوع البيولوجي في المناطق القاحلة وشبه القاحلة مما يقلل من إنتاج الأغذية نظرا لأن التصحر ينطوي على تدمير للحياة النباتية ونقصان مجموعات نباتية وحيوانية كثيرة
وإذا كان هذا هو وضع المشكلة عالميًّا، فإن القارة السمراء تأتي في مقدمة قارات العالم من حيث التأثر بالمشكلة؛ حيث إ:
9- 32% من أراضي العالم الجافة موجودة بالقارة الأفريقية
10- 73% من الأراضي الجافة بأفريقيا المستخدمة لأغراض زراعية قد أصابها التآكل أو التعرية
عواقب التصحر
أ ـ ضعف تكيّف الأرض مع التقلبات المناخية الطبيعية: ففي الظروف العادية تتصف التربة والنبات والمياه العذبة وغيرها من الموارد في المناطق القاحلة بمقدرتها على التكيف مع التغيرات الطبيعية، ويمكنها في نهاية المطاف أن تستعيد عافيتها فيما لو تعرضت لاضطرابات مناخية مثل الجفاف أو حتى من التأثيرات الناتجة عن النشاط البشري مثل الرعي الجائر أو إزالة الغابات، أما إذا انجرفت التربة أو تدهورت فإن مقدرتها على التكيّف تضعف بشدّة مما يسبب عواقب طبيعية واجتماعية واقتصادية متنوعة
ب ـ انخفاض إنتاجية التربة: إن الطبقة السطحية من التربة هي الأخصب، وعندما تتعرض هذه الطبقة للانجراف المائي أو الريحي يقل عمق التربة، وتفقد كثيراً من العناصر الضرورية لتغذية النبات والأحياء الدقيقة
ج ـ تضرر الغطاء النباتي: إن فقد الغطاء النباتي هو نتيجة لتدهور الأراضي وفي الوقت نفسه يعد سبباً لذلك التدهور، إذ تعمل التربة المفككة والمعرَّضة للانجراف الريحي على غمر النباتات بالرمال أو تترك جذورها مكشوفة معرضة لمختلف المخاطر، وعند الرعي الجائر تختفي النباتات الصالحة للرعي لتغزو المراعي أنواع من النباتات متدنية غير صالحة للرعي
د ـ انخفاض إنتاج الغذاء: يعد التصحر أخطر قضية عالمية للعلاقة الوثيقة بين تدهور الأراضي الخصبة وتدني إنتاج الغذاء، إن تلبية الاحتياجات الغذائية للنمو السكاني في العالم خلال الخمسين سنة القادمة يتطلب مضاعفة إنتاج الغذاء ثلاث مرات، ومن الصعب تحقيق ذلك حتى في أحسن الظروف، إذا لم توقف عملية التصحر أو يتم عكسها، إن إنتاج الغذاء سينخفض في العديد من الأراضي المتأثرة مما يؤدي إلى سوء التغذية أو نقصها ومن ثم يمكن أن تحدث المجاعات
هـ ـ انتشار المجاعات: تحدث المجاعات عادة في المناطق التي تعاني الفقر أو عدم الاستقرار الأمني أو الحروب، ويساعد الجفاف وتدهور الأراضي غالباً على تفجر الأزمات التي تتفاقم نتيجة نقص الأغذية أو عدم المقدرة على شراء المتوفر منها
و ـ تجاوز بعض العواقب حدود المناطق المتأثرة بالتصحر: يمكن أن تسبب الأراضي المتدهورة فيضانات مدمرة وترسبات في الأنهار والبحيرات والسدود وقنوات الملاحة، كما يمكن أن تؤدي إلى حدوث عواصف غبارية وتلويث الهواء مسببة أعطالاً مختلفة للآليات وانخفاضاً في درجة الرؤية، كما تتوضع ترسبات في الحقول أو على الطرقات والسكك الحديدية، ويسبب كل هذا ضغوطاً نفسية وأمراضاً متعددة
ز ـ العواقب الاجتماعية: تتضح العلاقة القائمة بين التصحر وهجرة الناس لمواطنهم والنزاعات الناتجة عن ذلك، إذ تصير الموارد المائية في المدن والمخيمات التي يقطنها اللاجئون عرضة لضغوط شديدة، وإن صعوبة الظروف المعيشية وفقدان الهوية الثقافية تؤديان إلى إضعاف الاستقرار الاجتماعي
س ـ تبديد الموارد الاقتصادية: يعد التصحر سبباً رئيساً لنقص الموارد الاقتصاد، خاصة بالنسبة للفقراء اصلا لانه يفقدهم مصدر قوتهم وللتصحر آثار مجتمعية حيث يقل الانتاج الزراعي والرعوي وبالتالي الصناعي ايضاً
حالة التصحر في العالم :
1- يبلغ مجموع الاراضي الجافة في العالم 6.45 مليار هكتار، اي 0.43 من مجموع الاراضي في العالم، وطبقا لبيانات المناخ تبلغ الاراضي الجافة في العالم 5.55 مليار هكتار اي 0.37 من الاراضي في العالم والفرق بين التقديرين الذي يبلغ 0.9 مليار هكتار اي 0.6 من اراضي العالم يمثل الصحاري التي تسبب في صنعها الانسان
2. في كل عام يفقد العالم حوالي691 كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية نتيجة لعملية التصحر، بينما حوالي ثلث أراضي الكرة الأرضية معرضة للتصحر بصفة عامة، ويؤثر التصحر على القارة الإفريقية بشكل خاص، حيث تمتد الصحاري على طول شمال إفريقيا تقريبًا، كما أنها أصبحت تمتد جنوبًا، حيث إنها اقتربت من خط الاستواء بمقدار 60 كم عمَّا كانت عليه من 50 سنة، وفي أكثر من 100 بلد من بلاد العالم يتأثر ما يقارب المليار نسمة من إجمالي سكان العالم البالغ عددهم 6 مليارات نسمة بعملية تصحر أراضيهم؛ مما يرغمهم على ترك مزارعهم ومراعيهم والهجرة إلى المدن من أجل كسب العيش
3- تبلغ المساحة المهددة بالتصحر من مجموع الاراضي الجافة 3.97 مليار هكتار اي 75.1 من مجموع الاراضي الجافة في العالم ما عدا الاراضي الصحراوية القاحلة بشدة
4- يتجاوز عدد البلدان المتأثرة بالتصحر 100 مئة بلد
5- يعيش في المناطق الجافة في العالم اكثر من 15.0 بالمئة من مجموع سكان العالم.
6- بلغ عدد سكان المناطق المهددة بالتصحر 78.5 مليون نسمة
7- يبلغ معدل تدهور الاراضي في المناطق القاحلة وشبه القاحلة وحدها 5.25 بالمئة مليون هكتار سنويا
8- تقدر الخسارة السنوية 26 ملياردولار
9- تبلغ الفائدة المرجوة من عمليات استصلاح الاراضي 895 مليون دولار في السنة
10- يبلغ التمويل اللازم لبرنامج عالمي لوقف الاتجاه الى التصحر يستغرق 20 عاما نحو 4.5 مليار دولار في السنة او 90 مليار دولار في المجموع، وتبلغ المساعدات المالية التي تحتاجها البلدان النامية من مجموع التمويل 2.4 مليار دولار في السنة اي 48 مليار دولار على مدى السنوات العشرين
برامج التعرف على العوامل المساهمة في عملية التصحر واتخاذ الإجراءات المناسبة لمكافحته والوقاية منه والتخفيف من حدة آثار الجفاف
1- تطوير أساليب لتحسين مستوى القدرات من حيث علوم الأرصاد والطقس والمياه ومن حيث التنبؤ بجفاف قادم
2- برامج لتقوية الاستعداد لمواجهة وإدارة إصابات الجفاف
3- تأسيس نظم لتأمين الغذاء بما في ذلك التخزين والتسويق
4- مشاريع بديلة لكسب الرزق مما قد يوفر لأصحاب الأراضي وسائل بديلة لمصادر دخولهم في حالة إصابة أراضيهم بالجفاف
5- برامج الري المستدام من أجل المحاصيل والمواشي معًا
6- برامج للإدارة المستدامة للموارد الطبيعية
7- برامج لتعليم الأساليب الملائمة للزراعة
8- تطوير مصادر مختلفة للطاقة وحسن استغلالها
9- تقوية إمكانات البحث العلمي والتدريب في مجالات التصحر والجفاف
10- برامج تدريب للحفاظ على الموارد الطبيعية والاستغلال المستدام لها
11- توفير التدريب المناسب والتكنولوجيا المناسبة لاستغلال مصادر الطاقة البديلة، خاصة المصادر المتجددة منها بهدف التقليل من استخدام الخشب كمصدر للوقود
12- تنظيم حملات توعية للمجتمع، وتطوير مناهج الدراسة وزيادة توعية الكبار حول الحفاظ والاستغلال الملائم وحسن إدارة الموارد الطبيعية في المناطق المصابة
وقاية الأرض من التعرية والتصحر
هناك ممارسات زراعية بإمكانها توقيف عمليات التعرية للأراضي، بل وإعادة تأهيلها، وهذه الممارسات تتضمن:
1- تغيير أسلوب حرث الأراضي
أ- الحرث الكفافي: وهو حرث الأرض بشكل عمودي على درجة ميل الأرض حيث تعتبر أي أرض لها ميل أكثر من درجة واحدة قابلة للتعرية بسبب مياه الأمطار، فالشقوق التي تتكون من عملية الحرث تعمل كحواجز للمياه من أجل إعطاء الأرض فرصة أطول لتشربها، بدلاً من جريانها مع انحدار الأرض آخذة معها التربة الفوقية، هذا النوع من الحرث يقلل التعرية بنسبة 50%
ب- تسطيح أجزاء من الأراضي المنحدرة بشدة: كالتلال لمنع المياه من الجريان مع الانحدار
ج- التوقيت الصحيح للحرث: فإذا تم الحرث في الخريف، تتعرض الأرض للتعرية طوال فصل الشتاء أما إذا تعرضت الأرض للحرث في الربيع فالمدة التي تبقى فيها دون حياة نباتية أقل بكثير
د- الحرث باستخدام التكنولوجيا الحديثة: والتي تسمح بتفكيك التربة، وزراعة البذور، والتخلص من الحشائش مرة واحدة بأقل ضرر ممكن للتربة
ه- زراعة البذور في صفوف متباعدة: ثم زراعة نوع مختلف تمامًا من المحاصيل في المسافات بين الصفوف؛ من أجل تغطية أكبر قدر ممكن من الأرض
و- زراعة الأرض بأكثر من نوع من المحاصيل: حيث تختلف أوقات الحصاد لكل نوع، وهو ما يحمي الأرض من تعرضها كاملة لعوامل التعرية
ز- زراعة الأشجار: من أجل حماية الأرض من الرياح وزيادة مصدات الرياح ومثبتات التربة
س- إضافة المواد العضوية للأرض: عن طريق حرث بواقي المحصول داخل الأرض، أو زراعة محصول كامل فقط من أجل حرثه داخل الأرض، فتقوم الميكروبات داخل التربة بتحلل المادة العضوية وتحويلها إلى السكريات المتعددة، والتي تلصق جزيئات التربة بعضها ببعض، وتعطيها حماية ضد عوامل التعرية
وبالرغم من كون هذه الطرق سهلة التنفيذ، فإن الكثير من الفلاحين لا يفضلون اللجوء إليها؛ لأن التكاليف قصيرة المدى اللازمة لتنفيذها أغلى من المزايا قصيرة المدى الناتجة عنها، والمشكلة في القارة الأفريقية غاية التعقد بسبب الفقر الشديد والهجرات الداخلية، وهو ما لا يترك للكثير من الفلاحين خيارًا سوى سوء استغلال أراضيهم من أجل إنتاج أكبر قدر من المحاصيل، مما يؤدي إلى فقدان الحياة النباتية والتنوع الحيوي بها، ويؤدي ذلك إلى فقدان التربة الفوقية ثم فقدان قدرة الأرض على الإنتاج الزراعي ودعم الحياة الحيوانية والبشرية.ويؤثر التصحر تأثيرًا مفجعًا على الحالة الاقتصادية
سياسات علاج ومكافحة التصحر
ليس ثمة حلول سريعة لمشكلة التصحر، إذ إن معالجتها تتطلب تخطيطاً بعيد المدى وإدارة رشيدة للموارد الطبيعية، وعلى وجود بعض الحلول التقنية، وثمة معوقات دولية أو اجتماعية أو تنظيمية تحول دون تطبيقها، ومع ذلك فإن نقص الموارد المالية في الدول النامية يعد أحد العوائق الكبرى لتطبيق تلك الحلول
ولعل أهم العوامل التي تقي التربة من التعرية هي الحياة النباتية بها؛ حيث تمثل الأجزاء العلوية من النباتات حاجزًا ضد الرياح والمياه التي قد تحرك التربة الفوقية، وتمثل جذورها عاملاً مثبتًا للتربة الفوقية، وحين تفقد التربة الحياة النباتية بها، تطيِّر الرياح جزيئات التربة الرقيقة والمواد العضوية بها، تاركة خلفها طبقة مركزة من الرمال الخشنة عديمة الفائدة، وفقدان التربة للمواد العضوية بها يفقدها تماسكها واستقرارها، وهو ما يعرضها إلى زيادة التعرية بسبب الرياح، كما يؤدي فقدان التربة للمواد العضوية إلى فقدان القدرة على احتجاز المياه،
1. العمل على وقف عمليات التصحر الناتجة عن تدهور الغطاء النباتي بالإضافة إلى حماية الأراضي الزراعية من التصحر ومسبباته ومنع ووقف وامتداد التصحر، واستصلاح الارض المتصحرة واستعادة انتاجيتها حيثما امكن ذلك، وإعادة تشجير المناطق القاحلة لتحسين مستوى التغطية الغابية
2. احياء خصوبة الارض والمحافظة عليها في حدود الامكانيات البيئية في المناطق الجافة وشبه الرطبة وغيرها من المناطق المعرضة للتصحر بهدف رفع مستوى معيشة سكانها ودراسة مسببات وتحديد ميكانيكية وشدة التصحر والمحافظة على التربة والمياه وتطوير الزراعة البعلية
3. حماية الأراضي الزراعية من خطر التصحر وإيجاد أفضل السبل لاستغلال المياه السطحية ورفع كفاءة استخدامها في تحسين خصوبة التربة ووقف تدهور الغطاء النباتي
4. تطوير قدرة المراعي على الإنتاج عن طريق حماية النباتات الرعوية وتكثيرها من خلال وجود مشاتل تشجير الأراضي وحمايتها من التصحر وإنشاء المشروعات التي تهدف إلى المحافظة على الموارد العلفية والحيوانية وتحسين إنتاجها
5. زيادة الوعي للأخطار الناجمة عن الممارسات الخاطئة التي تؤدي إلى تسارع عملية التصحر وذلك عبر وسائل الإعلام المختلفة، والتعليم والارشاد البيئي
6. حماية الأحياء البرية من نبات وحيوان من أخطار الزحف الصحراوي والمحافظة على التوازن البيئي في تلك المناطق
7. المساهمة في تحسين وتطوير البيئة المحلية وتنمية الثروة الحيوانية وتطوير المراعي
8. استغلال مواقع مكبات النفايات التي تم إغلاقها لزراعتها وتحويلها إلى متنزهات وحدائق عامة وزيادة الاحزمة ألخضراء من الشجيرات حول المدن والقرى، وتهدف هذه المشروعات إلى زيادة الرقعة الخضراء التي تقصل المدن والقرى عن الصحراء وتساعد في مواجهة التصحر وزحف الرمال والتعاون في تطوير أحزمة وقائية للأراضي الزراعية، وتتضمن أنشطته دراسات بيئية ونباتية واجتماعية والقيام بالزراعات الغابية والرعوية
9. استغلال مياه محطات التنقية والمياه المعالجة من أجل عمليات التحريج ومكافحة التصحر
10. إصدار النشرات والدراسات والأبحاث وعقد الندوات التي لها علاقة بمكافحة التصحر
11. حماية المدن والقرى والواحات والمزارع والبنية التحتية بمختلف الوسائل الآلية والحيوية
12. البحث عن مصادر جديدة للمياه والتوسع في مشروعات الري
مؤشرات ظاهرة التصحر ودلائل الجفاف
1- المؤشرات الفيزيائية/ الايكولوجية
ا- انحدار الأرض ب- الكساء الخضري
ج- درجة حرارة الهواء د- دليل الجفاف
ه- دليل نوعية المناخ و- دليل القحط
ز- هطول الأمطار المؤثرة س- البخر والنتح المحتمل
2- المؤشرات الاقتصادية
ا- كثافة الزراعة ب- الإنفاق على المياه
ج- حجم الأسرة د- عمر المزارعين
ه- ملكية المزارع و- سعة المزارع
ز- إنتاجية الغابات س- تجزئة الأراضي الزراعية
ش- دليل هامش الربح ص- المنتجات الزراعية التقليدية
ض- صافي الدخل الزراعي ط- العمالة الموازية
3- المؤشرات الاجتماعية
ا- مستوى تعليم الكبار ب- انخفاض عدد السكان نتيجة التدهور
ج- دليل الفقر البشري د- عدد الفنيين الذين لديهم معرفة بالتصحر
ه- دليل الشيخوخة و- الكثافة السكانية
ز- معدل النمو السكاني س- تصور العامة للتصحر
4- المؤشرات المؤسسية
ا- الدعم الحكومي للمنتجين ب- الخطط الهيدرولوجية والحرجية
ج- تعبئة الموارد الداخلية د- مساهمة المنظمات غير الحكومية
ه- التنفيذ الجبري للسياسات و- المناطق المحمية
ز- النفايات المعاد تدويرها س- نفقات الأبحاث والتطوير
ص- خطط إدارة أحواض الأنهار ض- سياسات/ قوانين استخدام المياه
ولقد برز العديد من الدلائل والمؤشرات التي تشير إلى حدوث ظاهرة التصحر في المناطق الهامشية المعرضة لتأثيرات الإنسان والجفاف، ومؤشرات ظاهرة التصحر أو دلائلها قد تكون مؤشرات طبيعية واقعية يمكن مشاهدتها بسهولة، أو تكون مؤشرات نظرية يستدل عليها باستخدام بعض المعادلات أو الدلائل الرقمية
المؤشرات الطبيعية
تدهور إنتاجية الأرض وانعدمها، وزيادة التملح وقلوية التربة، وزحف الرمال وسيطرتها على الموقع، وتدهور المراعي، وإزالة الغابات، وانجراف التربة وتعريتها، وشح المياه وقلة الأمطار، وازدياد القحط، وتردي الأوضاع الاقتصادية للسكان، واختفاء بعض الكائنات الحية صغيرة كانت أم كبيرة، وتلوث المياه والهواء، وارتفاع درجات الحرارة الجوية وغيرها
المؤشرات الرقمية
تم استخدام بعض المعادلات التي تعطي مؤشرات خاصة مثل
(1) معامل الجفاف أو دليل الجفاف :ويعبر عنه بالمعادلة الآتية
معامل الجفاف = الأمطار\احتمالات البخر والنتح = P\Pet
وكلما انخفضت هذه النسبة ازداد الجفاف، مع ملاحظة أن يتم حساب احتمالات البخر والنتح بطريقة بنمان على أساس تقدير رطوبة الجو والإشعاع الشمسي والرياح
وإذا كان مؤشر دليل الجفاف أقل من 0,03 فإنه يدل على منطقة صحراء، ومن 0,03 إلى 0,5 فإنه يدل على مناطق جافة وشبه جافة معرضة للتصحر، ومن 0,5 إلى 0,75 فإنه يدل على مناطق تحت رطبة معرضة للتصحر بشكل قليل
2- معادلة أو معيار ديمارتون عن معامل الجفاف (ق) ويطلق عليه القيمة الفعلية للمطر، ويعبر عنها بالمعادلة الآتية: القيمة الفعلية للمطر (ق) = معدل المطر السنوي بالمليمتر\معدل درجة الحرارة بالدرجة المئوية +10 فإذا كانت القيمة الفعلية للمطر أقل من خمسة تعتبر المنطقة جافة
3- معادلة إمبرجر لتصنيف المناخ عن طريق مايسمى بالمكافىء المطري الحراري Q، ويعبر عنها بالمعادلة الآتية: المكافىء المطري الحراري = 2000P\M-m = Q
إذا كان المكافىء المطري الحراري Q أقل من 20 يعتبر تصنيف المناخ أو المنطقة صحراوياً.وإذا كان المكافىء المطري الحراري Q من 20 إلى 30 يعتبر المناخ جافاً
4- دليل معدل الإشعاع (R) ومعدل المطر السنوي (P) وحرارة التبخر الكامن للماء (L) في معادلة باديكو.ويعبر عنها للحصول على مؤشرات الجفاف D كما يلي: D=R\LP
إذا كان مؤشر الجفاف (D) أكثر من 3,4 فإن الصحراء هي السائدة ومن 2,3 إلى 3,4 يدل على شبه صحراء ومن 1,1 إلى 2,3 يدل على بوادي
وقد اتضح من دراسات عديدة أهمها دراسة هولدرج وآخرون الآتي
ــ أن معدل الأمطار السنوي 125 مم سنوياً مؤشر دليل على المناطق الصحراوية
وأن المعدل مابين 125 إلى 250 مم مؤشر على المناطق المعرضة للتصحر بشدة
وأن المعدل مابين 250 إلى 500 مم مؤشر على المناطق المعرضة للتصحر بشكل أقل
ويتطابق هذا المؤشر تقريباً مع المتبع من قبل المنظمات الدولية واليونسكو
وللتصحر مؤشرات طبيعية أخرى وبشرية ورغم الاقتناع بأهمية الأخيرة وكونها وثيقة الصلة ومن قلب المشكلة إلا ان الدليل على وضعها كأساس للقياس لم يتوفر بعد بشكل نظامي وفي ضوء الكثير من الاعتبارات الأخرى ثبت انه من الصعب مراقبتها لذلك لم تستخدم كمؤشرات أولية في تقييم برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وأهم العوامل الطبيعية هي
• غزو الكثبان الرملية للأراضي الزراعية
• تدهور الأراضي الزراعية المعتمدة على الأمطار
• تملح التربة
• إزالة الغابات وتدمير النباتات الغابية
• انخفاض كمية ونوعية المياه الجوفية والسطحية
• تدهور المراعي، فللنباتات والحيوانات دورها بتفاعلها مع بيئتها فهي تساهم بصورة رئيسية إما بالحفاظ على توازن البيئة أو بتدهورها
• انخفاض خصوبة الأراضي الزراعية
• اشتداد نشاط التعرية المائية والهوائية ،التي يقصد بها إزالة الطبقة الخصبة منها الحاوية على المواد العضوية والمعدنية
• زيادة ترسبات السدود والأنهار واشتداد الزوابع الترابية وزيادة كمية الغبار في الجو
الاتفاقية الدولية لمكافحة التصحر 1994
اتفاقية لمكافحة التصحر وتخفيف آثار الجفاف من خلال برامج العمل الوطنية التي تتضمن استراتيجيات طويلة الأجل بدعم من التعاون الدولي وترتيبات الشراكة، هذه الاتفاقية، هي الاتفاقية الوحيدة التي تم استخلاصها من توصية مباشرة لمؤتمر جدول الأعمال ال21، والتي اعتمدت في باريس يوم 17 يونيو 1994 ودخلت حيز التنفيذ في ديسمبر 1996
وتعد هذه الاتفاقية الأولى والوحيدة التي تحمل طابعا دوليا، وملزمة قانونا لوضع معالجة مشكلة التصحر،. وتقوم الاتفاقية على مبادئ الشراكة والمشاركة واللامركزية، العمود الفقري للإدارة الرشيدة والتنمية المستدامة وللاتفاقية الآن 194 بلدا عضوا مما يجعلها تحمل صفة العالمية، ولقد ركزت الاتفاقية على
1 ـ ايلاء الأولوية اللازمة لمكافحة التصحر وتخفيف آثار الجفاف وتأكيد المشاركة السكانية والمجتمعات المحلية
2 ـ وضع استراتيجيات وأولويات في إطار خطط أو سياسات التنمية المستدامة لمكافحة التصحر وتخفيف آثار الجفاف
3 ـ معالجة الأسباب الأساسية للتصحر وإيلاء اهتمام خاص للعوامل الاجتماعية والاقتصادية التي تسهم في عملية التصحر
4 ـ تعزيز وعي السكان المحليين ولاسيما النساء والشباب وتيسير مشاركتهم بدعم من المنظمات غير الحكومية في الجهود الرامية إلى مكافحة التصحر
وورد في خطة العمل لمكافحة التصحر التي أقرها مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالتصحر في نيروبي عام 1977 أن أهداف مكافحة التصحر تتلخص في هدفين
1 ـ هدف مباشر يسعى لمنع التصحر أو وقف اندفاعه واستصلاح الأراضي المتصحرة واستعادة إنتاجيتها كلما أمكن ذلك.
2 ـ هدف نهائي هو إحياء خصوبة الأراضي والمحافظة عليها في حدود الإمكانات البيئية في المناطق المعرضة للتصحر بغية رفع مستوى معيشة سكانها