الجديد تحت الشمس - تأثير الإنسان على البيئة 09 الاحتباس الحراري
أ. د. أحتيوش فرج أحتيوش
“وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُون 19″ الحجر
ما يميز الكرة الأرضية عن الكواكب الأخرى في المجموعة الشمسية هو الغلاف الجوي الذي يحيط بها، ووجود الغلاف الجوي وثبات مكوناته يتوقف عليه استمرار الحياة بالشكل المتعارف عليه، ونشاط البشر ينفث سمومه في انبعاث لامتناهي ملوثا لكل نظيف، فهل سنجعل أمنا الارض “صوبة العالم الزجاجية” ونتركها تئن من احترار متنام، ونجعل مستقبل البشرية في خطر؟ ويجب ان نعلم بأن ما ننفثه اليوم من غازات وملوثات ضارة، قد نجنيه غدا كوارث وتغيرات مهلكة، لماذا يحدث كل هذا الآن؟ هل هي براعة الإنسان، اهماله وعدم مبالاته ام عدم علمه ودرايته، وهل من متدبر في فوله تعالى؟ “وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ 204 وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ205″ البقرة
مقدمة
حطم الجنس البشري القيود والاستقرار المضطرب في نظم الاقتصاد والسكان والطاقة القديمة، وهذا ما جعل عصرنا غريباً، فقد بدأ العالم في القرن التاسع عشر والعشرين طفرة سكانية واقتصادية كبيرة، كانت ذروتها في القرن الواحد والعشرين، حين تضاعف سكان العام خمس مرات وتضاعف الاقتصاد العالمي 20 مرة، وازداد نصيب الفرد أربعة مرات، ودخل استعمال الطاقة في ازدهار كبير، وهاهي ممارسات الإنسان السيئة وتصرفاته غير مدروسة العواقب، وأبرزها إزالة الغابات والمناطق الخضراء وتلويث البحار والمحيطات والإسراف في حرق النفط، قد حولت النعم الصالحة إلى نقم طالحة، وجعلت العالم في صوبة زجاجية كبيرة، وهذا ادق وصف يلخص وضعية العالم الحالية ومعاناته التي أصبحت أزلية جراء ما يعرف بتأثير الصوبة الزجاجية، وهو أهم محفز على حدوث الاحتباس الحراري، فمن أهم صفات الصوبة الزجاجية، السماح بدخول أشعة الشمس الخارجية وتخزين جزء كبير منها دون السماح لها بالنفاذ ثانية، وهو ما يعني ارتفاع درجة الحرارة بشكل واضح داخل الصوبة مقارنة بالجزء المحيط بها، وهذا هو تماماً حال كوكب الأرض حالياً، فغازات الدفيئة الرئيسية هي ثاني أكسيد الكربون والميثان والأوزون وبينما يكون المناخ محكوم بعدة عوامل فان من المهم فيه تكوين الغلاف الجوي فدون تأثيرات غازات دفيئة سوف يكون كوكبنا مكاناً قارص البرد أقرب إلى المريخ، مثل الشتاء القطبي في الأرض ومع زيادة غازات الدفيئة سوف تشبه الأرض كوكب الزهرة حيث ترتفع الحرارة كثيراً فوق درجة الغليان وللحياة المكيفة فوق الأرض تكون التغيرات في غازات الدفيئة مسألة خطيرة، ولألفيتين قبل الميلاد كانت مستويات ثاني أكسيد الكربون في الجو حول 270 إلى 290 جزء في المليون وحوالي الفي سنة بعد الميلاد بدأ تكاثره المتسرع حيث وصل حوالي 295 جزء في المليون بحلول 1900 و 350 إلى 375 جزء في المليون بحلول 2000 وحوالي 400 جزء في المليون في 2010، وثمة اتجاهان رفعا هذا النمو هما احتراق الوقود الحفري المسئول عن حوالي ثلاثة أرباع الإضافة، وإزالة الغابات وكانت مسئولة عن كل البقية تقريباً، وفي غضون ذلك تضاعف غاز اليثان الذي مثله مثل ثاني أكسيد الكربون موجود طبيعيا في الجو من حوالي 700 إلى حوالي 1.720 جزء في المليار وكانت مصادر تكاثر الميثان الرئيسية هي الزراعة خاصة الأرز المروي والثروة الحيوانية وتحلل النفايات وتعدين الفحم الحجري واستعمال الوقود الحفري، هذه التغيرات الضئيلة لكنها خطيرة في الجو وفي توافق مع بعض التغيرات الضئيلة التي تتضمن غازات دفيئة أخرى جعلت الغلاف الجوي أكثر كفاية في حبس الحرارة من الشمس وفي الوقت نفسه حقنت المناشط البشرية مقادير كبيرة من الغبار والسخام في الجو والتي خفضت قليلا كمية الطاقة الشمسية الواصلة سطح الأرض، لقد ارتفعت حرارة الأرض حديثاً على الرغم من أن لا أحد يجزم إذا كانت أفعال الإنسان هي السبب، وكانت أعوام 1990 –2010 أكثر العقود حراً منذ القرن الرابع عشر، وكانت التغيرات بهذا الحجم وهذه السرعة داخلة في المدى الطبيعي للتفاوت، ولقد احترت مناطق أكثر من أخرى وبعضها قد بردت، فارتفعت حرارة القارة القطبية الجنوبية كثيراً كذلك وذاب جليدها أسرع من ذي قبل، واصبح المناخ بالفعل أكثر اضطرابا، ومع ذلك كانت نتائج ارتفاع حرارة القرن العشرين صغيرة وغيرت بعض المخلوقات مواطنها لتجنب الحرارة تقلصت بعض وليس كل الأنهار والقمم الجليدية وارتفع سطح البحر بمقدار 10 إلى 25 سنتمترات حتى كاحل القدم أو نصف الساق وإلى درجة معقولة لكنها غير مؤكدة تماماً، وسّع هذا الارتفاع الضرر الناتج من موجات العواصف على سواحل الدول الواطئة ووسّعت بعوضة الملا ريا مداها بخاصة داخل الارتفاعات العليا في أفريقيا المدارية ورفعت حصيلة الموتى من الملا ريا في أماكن مثل رواندا، والتنبؤ بارتفاع أكبر كثيراً لدرجات الحرارة للقرن الواحد والعشرين وما بعده سوف يكون مسألة أخرى تماما، وإذا صحت التوقعات فإن هذا الارتفاع في الحرارة يعني تغييرات سريعة في التبخر والتكثيف وهي دائرة مائية تسبب زيادة الجفاف وزيادة الفيضانات معاً والنتائج للزراعة سوف تكون حادة على الرغم من صعوبة التنبؤ بها، ومع افتراض حدوثها سوف تعاني صحة الإنسان من توسع نطاق الأمراض الاستوائية وناقلاتها وسوف يتسارع انقراض الأنواع الحية، والتغلب على ارتفاع الحرارة على هذا النطاق سوف يكون تحدياً رئيسيً لسكان القرن الواحد والعشرين، وفي ما يتعلق ببعض الدول الواطئة مثل جزر المالديف وهولندا يمكن أن يكون الفصل الأخير أيضاً
ان ظاهرة الاحتباس الحراري ظاهرة جديدة على المجتمع البشري، وإن لم تكن جديدة على كوكب الأرض، حيث طفت على السطح بقوة منذ تسعينيات القرن الماضي، وذلك عندما بدأ العالم يتأكد من ارتفاع درجة حرارة الأرض بشكل متنام، وأن ذلك يشكل خطراً بالغاً على مستقبل البشرية، بل على مستقبل كوكب الأرض بأكمله،ومنذ ذلك الحين والجدل والخلاف لم ينقطعا بين مشكك في حقيقة تلك الظاهرة وواقعية تداعياتها ومخاطرها المحتملة وبين مرجح لصحتهما، أو بين مؤيد للإجراءات المتخذة للحد منها وأهمها برتوكول كيوتو وآلياته المختلفة، وبين معترض على جدوى الحلول المقترحة وعلى تكلفتها الباهظة
تعريف
يمكن تعريف ظاهرة الاحتباس الحراري، على أنها الزيادة التدريجية في درجة حرارة أدنى طبقات الغلاف الجوي المحيط بالأرض؛ كنتيجة لزيادة انبعاثات غازات الصوبة الخضراء منذ بداية الثورة الصناعية، وغازات الصوبة الخضراء والتي يتكون معظمها من بخار الماء، وثاني أكسيد الكربون، والميثان، وأكسيد النيتروز والأوزون هي غازات طبيعية تلعب دورًا مهمًا في تدفئة سطح الأرض حتى يمكن الحياة عليه، فبدونها قد تصل درجة حرارة سطح الأرض ما بين 19 درجة و15 درجة سلزيوس تحت الصفر، حيث تقوم تلك الغازات بامتصاص جزء من الأشعة تحت الحمراء التي تنبعث من سطح الأرض كانعكاس للأشعة الساقطة على سطح الأرض من الشمس، وتحتفظ بها في الغلاف الجوي للأرض؛ لتحافظ على درجة حرارة الأرض في معدلها الطبيعي، لكن ومع التقدم في الصناعة ووسائل المواصلات منذ الثورة الصناعية وحتى الآن مع الاعتماد على الوقود الاحفوري، الفحم و البترول و الغاز الطبيعي كمصدر أساسي للطاقة، ومع احتراق هذا الوقود الاحفوري لإنتاج الطاقة واستخدام غازات الكلوروفلوركاربونات في الصناعة بكثرة؛ كانت تنتج غازات الصوبة الخضراء بكميات كبيرة تفوق ما يحتاجه الغلاف الجوي للحفاظ على درجة حرارة الأرض، وبالتالي أدى وجود تلك الكميات الإضافية من تلك الغازات إلى الاحتفاظ بكمية أكبر من الحرارة في الغلاف الجوي، وبالتالي من الطبيعي أن تبدأ درجة حرارة سطح الأرض في الزيادة، بالتأكيد نظام المناخ على كوكبنا أكثر تعقيدًا من أن تحدث الزيادة في درجة حرارة سطحه بهذه الصورة وبهذه السرعة، فهناك العديد من العوامل الأخرى التي تؤثر في درجة حرارته؛ لذلك كان هناك جدل واسع بين العلماء حول هذه الظاهرة وسرعة حدوثها، لكن مع تزايد انبعاثات تلك الغازات وتراكمها في الغلاف الجوي ومع مرور الزمن بدأت تظهر بعض الآثار السلبية لتلك الظاهرة؛ لتؤكد وجودها وتعلن عن قرب نفاد صبر هذا الكوكب على معاملتنا السيئة له
مكونات الغلاف الجوي
1- النيتروجين ونسبته تقريبا 78% 2- الأكسجسن ونسبته تقريبا 21%
3- الغازات الخاملة كالأرغون، النيون، والهيليوم ونسبتها 0.9%
كغاوات الندرة
4- ثاني أكسيد الكربون ونسبته 0.03% 5- أكاسيد الكبريت 6- أكاسيد النيتروجين
7- الأوزون 8- الميثان 9- الهيدروجين 10- بخار الماء
وهذه الغازات تسمى غازات الندرة وتعتبر شوائب تسبب التلوث الجوي عندما يزيد تركيزها في الجو وتؤدي إلى حدوث اختلال في مكونات الغلاف الجوي والاتزان الحراري، وهذا ينتج عنه تغيرات في المناخ والجو وآثار سيئة على صحة وحياة الانسان والأحياء، وان من أهم الأخطار التي تهدد التوازن الطبيعي زيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون
أسباب التغيرات المناخية وظهور ظاهرة الاحتباس الحراري
أولا: أٍسباب طبيعية، وهي التغيرات التي تحدث لمدار الأرض حول الشمس وما ينتج عنها من تغير في كمية الاشعاع الشمسي الذي يصل إلى الأرض. وهذا عامل مهم جدا في التغيرات المناخية ويحدث عبر التاريخ. وهذا يقود إلى أن أي تغيير في الاشعاع سيؤثر على المناخ
أ- البراكين ب- حرائق الغابات ج- الملوثات العضوية
ثانيا: أسباب صناعية
وهي ناتجة من النشاطات الانسانية المختلفة مثل
أ- قطع الأعشاب وازالة وحرق الغابات ب- نواتج المصانع ووسائل المواصلات
ج- النفايات التي ينطلق عنها غاز الميثان د- رش المبيدات الحشريه والاسمدة الكيماويه
ه- استعمال الانسان للوقود الاحفوري من نفط، فحم، وغاز و- تلويث البحار والمحيطات
ز- تزايد النشاط الصناعي والاقتصادي وزيادة اعداد البشر
وهذا يؤدي إلى زيادة ثاني أكسيد الكربون في الجو وهذا يؤدي إلى زيادة درجة حرارة الجو فيما يعرف بالاحتباس الحراري، اي وكأن الانسان يعيش في بيت زجاجي
كيف يحدث الاحتباس الحراري
أن أنشطة بشرية مثل تكرير النفط ومحطات الطاقة وعادم السيارات وغاز الميثان المنبعث من الماشية وغيرها من الاسباب الطبيعية والاخري الناتجة عن النشاط البشري كلها أسباب مهمة لارتفاع حرارة الكون، وإن الغازات المسببة للاحتباس الحراري تتراكم في غلاف الأرض نتيجة أنشطة بشرية مما يتسبب في ارتفاع المتوسط العالمي للحرارة، أن هذه الظاهرة شبيهة إلى حد بعيد بالبيوت الزجاجية وأن هذه الغازات و لتلوث يمنعان أو يقويان مفعول تدفئة أشعة الشمس، ففي البيوت الزجاجية تدخل أشعة الشمس حاملة حرارتها إلى داخل الدفيئة، ومن ثم لا تتسرب الحرارة خارجا بنفس المعدل، مما يؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة داخل البيت الزجاجي، كذلك تتسبب الغازات الضارة التي تنبعث من أدخنة المصانع ومحطات تكرير البترول ومن عوادم السيارات وغاز الميثان المنبعث من الماشية وغيرها في نفس الظاهرة، مسببة ارتفاع درجة حرارة الأرض، حيث تعبر الأشعة الشمسية ذات الموجات القصيرة الواردة إلى سطح الأرض الغلاف الجوي دون أن تتمكن جزيئات غازاته من امتصاص شيئاً منها، عدا النذر اليسير المتمثل بالأشعة الشمسية فوق البنفسجية التي تمتصها طبقة الأوزون الموجودة في طبقة ستراتوسفير، وعندما تسقط الأشعة الشمسية على سطح الأرض ينعكس أو يرتد جزء منها مباشرة إلى الفضاء، متمثلا بنسبة مئوية منها يعرف بمعامل انعكاسية السطح أو ألبيدو، يتباين مقداره أساساً بين السطوح بسبب اختلاف ألوانها، فيكون كبيراً للسطوح البيضاء وفاتحة اللون وقليلاً للسطوح السوداء وقاتمة اللون، وما تبقى من الأشعة الشمسية يمتصها السطح فتتحول إلى طاقة حرارية محسوسة تزيد من درجة حرارة الارض الداخلية، يقوم سطح الأرض بإشعاع طاقته الحرارية المكتسبة على شكل موجات إشعاعية حرارية طويلة تعرف بالأشعة الأرضية تحت الحمراء طويلة الكوجات، تتمكن بعض جزيئات غازات الغلاف الجوي والجسيمات المعلقة فيه في المستويات القريبة من سطح الأرض من امتصاص بعض الأشعة الأرضية المذكورة، مما يزيد درجة حرارة الأجزاء السفلى من الغلاف الجوي، ومن ثم تعمل على إشعاعها من جديد إلى سطح الأرض، مما يؤدي إلى زيادة درجة حرارته، ولذالك فعملية الاحتباس الحراري تتمثل في امتصاص بعض جزيئات الغازات والجسيمات في المستويات الدنيا القريبة من سطح الأرض الأشعة الأرضية تحت الحمراء ذات الموجات الطويلة، ومنعها من الفرار إلى الفضاء الخارجي، ومن ثم إشعاعها إلى سطح الأرض مرة أخرى، وتعرف هذه العملية بتأثير الغلاف الجوي، وهي مشابهة للعملية التي تجري في ما يعرف بالبيوت الخضراء، الزراعية الزجاجية أو البلاستكية، المستخدمة لزراعة الخضار والأزهار في المناطق والفصول الباردة التي من شأنها أن تسمح بدخول الأشعة الشمسية بحرية إليها، وبالوقت نفسه تمنع الأشعة الأرضية الحرارية من مغادرتها موفرة بذلك درجة الحرارة المناسبة لنمو النباتات وتعرف هذه العملية بتأثير البيوت الخضراء
ويلعب تركيب الهواء بنسب مكوناته الطبيعية دور هام في عملية الاتزان الطاقي لكوكب الأرض وهذا يعني أن كمية إشعاع الشمس التي تدخل إلى الغلاف الجوي تساوي تماما كمية الطاقة لإشعاع الأرض والمتشتت من الغلاف الجوي إلى الفضاء الخارجي، والخلل الحادث في تركيز غازات الغلاف الجوي، خاصة في تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون، بسبب فعاليات الإنسان أدى إلى انحباس جزء من الطاقة داخل الغلاف الجوي مما تسبب في التغيير في معدلات درجة حرارة سطح الأرض وتكوين ما يعرف بظاهرة الانحباس الحراري، ولما كانت مقدرة هذه الغازات على حجز الحرارة داخل الغلاف الجوي منوطة بكمية هذا الغاز في الهواء فإن اختلال نسبة مكونات الغلاف الجوي يؤدي إلى اختلال قدرة هذا الغلاف على حفظ درجة حرارة الأرض ارتفاعاً أو انخفاضاً، ولذا فإن زيادة استهلاك أنواع الوقود التقليدية المختلفة أدى إلى ارتفاع نسبة هذه الغازات في الغلاف الجوي مما نتج عنة ارتفاع في متوسط درجة حرارة الأرض، ورغم التقنيات المتقدمة والأبحاث المضنية نجد أن ظاهرة الاحتباس الحراري بالجو المحيط بالأرض مازالت لغزا محيرا ولاسيما نتيجة ارتفاع درجة حرارة المناخ العالمي خلال القرن الماضي نصف درجة مئوية حيث أخذ الجليد في القطبين وفوق قمم الجبال الأسترالية في الذوبان بشكل ملحوظ،، ويربط العديد من العلماء بين المحيطات والتيارات الموجودة بها وبين درجة حرارة الأرض حيث أن هذه التيارات الباردة والساخنة عبارة عن نظام تكييف للأرض أي نظام تبريد وتسخين وقد لوحظ مؤخرا أن هذه التيارات قد غيرت مجراها ما جعل التوازن الحراري الذي كان موجودا ينقلب، كما يربط بعض العلماء التلوث الحاصل بتغير في عدد حيوانات البلانكتون في البحار نتيجة زيادة حموضة البحار نتيجة لامتصاصها ثاني أوكسيد الكربون ويفسرون أن التلوث الذي يحدثه الإنسان هو شبيه بمفعول الفراشة أي أنها مجرد الشعلة التي تعطي الدفعة الأولى لهذه العملية والبلانكتون يقوم بالباقي
الغازات المسببة للاحتباس الحراري
1- غاز ثاني أكسيد الكربون
مصادر التلوث بهذا الغاز ناتجة عن استخدام أنواع الوقود الاحفوري المختلفة من فحم وبترول ومن تخمر المواد السكرية سواء من الكائنات الدقيقة أو بالطرق الكيميائية ومن تنفس النبات والحيوان ومن تحللها بعد موتها، وتلعب وسائل المواصلات ومصانع الإنتاج المختلفة دور أساسي في زيادة نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في جو المدن، وارتفاع تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو سيؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض وخصوصاً في المدن المزدحمة بوسائل المواصلات، وإذا استمرت الزيادة لهذا الغاز سيؤدي ذلك إلى ارتفاع حرارة الكرة الأرضية وقد ينتج عن ذلك ذوبان الجليد وارتفاع مستوى المحيطات وحدوث فياضانات وخلل في النظام البيئي، بالإضافة إلى أنه في الأماكن الرطبة يؤدي تلوث الهواء بغاز ثاني أكسيد الكربون إلى تكوين رذاذات حمضية كربونية تلحق أضرار بالنباتات والحياة المائية والأبنية التي تبنى بالحجر الجيري مكونا كربونات الكالسيوم التي تتفتت بسهولة
2- غاز الميثان
يعتبر غاز الميثان من الغازات الطبيعية في الغلاف الجوى وهو ينتج من التفاعلات الكيماوية في الظروف اللاهوائية في الغابات والبرك والمستنقعات، بالإضافة إلي خروجه مع غازات البراكين ومن حقول الغار الطبيعي، ونتيجة لنشاطات الإنسان المختلفة بدأت كميات إضافية من هذا الغاز تصل إلى الجو خاصة النشاطات المتعلقة بتربية الحيوان في الحظائر ومحطات معالجة المياه العادمة ومكبات النفايات الصلبة
3- الكلور فلور كربونات
بالإضافة إلى غازات ثاني أكسيد الكربون والميثان المسببة للانحباس الحراري هناك مجموعة من غازات أخرى تمثل ما يزيد على 11% من هذه الظاهرة وهي مجموعة الكلوروفلور كربونات ويندرج تحت هذه المجموعة العديد من الغازات التي لها دور فعال في تآكل طبقة الأوزون بالإضافة إلى دورها في الإحتباس الحراري وتصنف ثالثاً بعد ثاني أكسيد الكربون والميثان من حيث دورها في إحداث الظاهرة، هذه المركبات من صنع الإنسان و لم تكن موجودة في الطبيعة قبل الثورة الصناعية وقد ازداد انبعاث هذه الغازات في الهواء بزيادة النشاط البشري
4- غاز ثاني أكسيد النيتروجين
مصادر التلوث بغاز ثاني أكسيد النيتروجين ينتج من أكسدة المواد العضوية النيتروجينية ومن عوادم السيارات ومن إحتراق الغاز الطبيعي والفحم الحجري ومن التفاعلات الطبيعية التي تحدث في الغلاف الجوي ومن التفريغ الكهربي للسحب أثناء الرعود،
ويعمل هذا الغاز على تهيج الجيوب الأنفية ومجرى التنفس ويؤدي إلى حدوث الاديما في الرئة وعندما ترتفع نسبة غاز النيتروجين في الهواء يعمل على امتصاص الطاقة، ويتفاعل مع بخار الماء و يكون رذاذات نيتروجينية تضر الأبنية والنباتات ويمتص هذا الغاز اللون الأخضر المزرق من أشعة الشمس ويصبح لون طيف الشمس أصفر وتكثر هذه الظاهرة في المناطق الصحراوية المغبرة و يعمل هذا الغاز مع الجسيمات الهيدروكربونية والأوزون على تكوين ضباب دخاني ينتج عنه انخفاض في حرارة الغلاف الجوي
5- غاز ثاني أكسيد الكبريت
مصادر التلوث بهذا الغاز ينتج من مصانع الكبريت والأسمدة والنحاس والرصاص والدباغة الكيميائية ومن تحلل وأكسدة المواد العضوية التي يدخل في تركيبها الكبريت ومن إحتراق النفط أثناء عمليات تقطير البترول ومشتقاته وقد ينتج هذا الغاز من البراكين،
وتؤثر زيادة تركيز هذا الغاز على الجهاز التنفسي للإنسان من ضيق في التنفس و إلتهاب في القصبة الهوائية وحدوث إختناق وسعال شديد وعندما يصل تركيز هذا الغاز إلى 50-100 جزء من المليون يؤدي إلى الموت خلال 10 دقائق كما ويسبب أضرار بالغة للنباتات حيث يعمل على إيقاف عملية البناء الضوئي عندما يترسب على هيئة كبريتات داخل أنسجة طبقة الميزوفيل وأيضاً يتفاعل هذا الغاز مع بخار الماء ليكون رذاذات كبريتية تسبب ضرر للنباتات و لأبنية المشيدة من الحجر الجيري
مؤشرات ظاهرة لاحتباس الحراري
1- يحتوي الجو حاليا على حوالي 400 جزءا بالمليون من غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يعتبر الغاز الأساسي المسبب لظاهرة الاحتباس الحراري مقارنة بنسبة الـ 275 جزءً بالمليون التي كانت موجودة في الجو قبل الثورة الصناعية، وذلك يعني زيادة مقدار تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بحوالي أكثر من 30% عما كان عليه قبل الثورة الصناعية
2- ازداد مقدار تركيز الميثان إلى ضعف مقدار تركيزه قبل الثورة الصناعية
3- يزداد الكلوروفلوركاربون بمقدار 4% سنويا عن النسب الحالية
4- أصبح أكسيد النيتروز أعلى بحوالي 18% من مقدار تركيزه قبل الثورة الصناعية
5- ارتفاع مستوى المياه في البحار من 10-15 سم خلال القرن الماضي
6- ارتفاع درجة الحرارة ما بين 0.4 – 0.8°س خلال القرن الماضي حسب تقرير اللجنة الدولية المعنية بالتغيرات المناخية التابعة للأمم المتحدة
التُيرات المتوقعة للاحتباس الحراري
أ- احتمال انصهار الجليد في جرين لاند والذي يؤدي الى ارتفاع مستوى البحار حوالي 7 أمتار خلال السنوات الألف المقبلة
ب- قد يقضي ارتفاع الحرارة على ثلاثة أرباع الثلوج المتراكمة على قمم جبال الألب بحلول عام 2050 مما يتسبب بفيضانات مدمرة في أوروبا
ج- يعتقد العلماء أن نصف الكرة الشمالي يزداد سخونة بشكل أسرع من الجنـوب لأن نسـبة أكبر من تكوينه يابسة، وهي تتأثر بشكل أسرع بالتغيرات المناخية مقارنة بالمحيط.
د- أصبح من المؤكد أن كمية ثاني أكسيد الكربون التي تدخل الجو ستستمر في الازدياد وبالتالي فإن درجة حرارة سطح الأرض ستستمر بالازدياد. ومعنى ذلك فان التأثير على المناخ سيغدو واضحا
ه- احتمال زيادة عدد وشدة العواصف
و- زيادة معدل انتشار الأمراض والأوبئة المستوطنة مثل الملاريا والتيفود والكوليرا بسبب هجرة الحشرات والدواب الناقلة لها من أماكنها، وكذلك بسبب ارتفاع الحرارة والرطوبة ونقص مياه الشرب النظيفة، ومثل هذه الامراض تنتشر بسرعة أكبر في ظروف الارتفاع الحراري والأجواء الرطبة
ز- تدمير بعض الأنواع الحية والحد من التنوع الحيوي، وتدمير أو انخفاض إنتاجية بعض الموائل الطبيعية الحيوية، وعلى رأسها الشعاب المرجانية والغابات المدارية، وهي من أهم الموائل على ظهر الأرض ومن أكثرها عطاء للإنسانية، تتبع ذلك زيادة معدلات انقراض الكائنات الحية كنتيجة مباشرة لتدمير مثل هذه الموائل وعدم قدرة الكثير من كائناتها على التأقلم مع التغيرات الجديدة
س- حدوث موجات جفاف وزيادة نسبة الأراضي القاحلة وانخفاض الإنتاجية الزراعية كنتيجة مباشرة لزيادة نسبة الجفاف وغلاء المعيشة لأن الأشخاص سيدفعون ثمناً أكثر للطعام، لأن الفيضانات في مناطق والجفاف في مناطق أخرى تؤثر سلباً على المحاصيل الزراعية
ع – حدوث كوارث زراعية وفقدان بعض المحاصيل، وتأثر عدد كبير من المحاصيل الزراعية سلباً بتغير درجة الحرارة والمناخ
ف – احتمالات متزايدة بوقوع أحداث متطرفة في الطقس كتغير أنماط الأمطار والثلوج وتيارات المحيطات وارتفاع ملوحة وحموضة مياه البحر، وما يتبع ذلك من زيادة موجات الجفاف وحرائق الغابات وحدة العواصف وغير ذلك من الاضطرابات المناخية المذكورة آنفاً، وقد يصل الامر الى التهديد بفقدانالنفس والاهل المنازل والأملاك وكل شئ عندما يتعرض الأفراد إلى كارثة طبيعية مثل تسونامي أو كاترينا وما شابههما من الكوارث الناجمة عن الاحتباس الحراري والتلوثات البيئية التي أصبحت لا تحتمل
فليس من المبالغة إذن وصف هذه التداعيات بأنها مدمرة، وليس من قبيل المزايدة القول بأنها ستتسبب في رسم خريطة جديدة للكرة الأرضية، وللتوزيعات البشرية عليها، ويتفق العلماء المعنيون في هذا الموضوع على ضرورة العمل للحد من ارتفاع درجات الحرارة قبل فوات الأوان وذلك من خلال معالجة الأسباب المؤدية للارتفاع واتخاذ الاجراءات الرسمية في شأنها على مستوى العالم بأكمله، لأن مزيدا من الغازات المسببة للاحتباس الحراري على مستوى العالم يؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة، كل ذلك في محاولة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة ووقف ظاهرة الاحتباس الحراري، الا يعني هذا أن الخطر مشترك، وأنه لا توجد منطقة في العالم بمنأى عن مخاطر تلك المشكلة؟ لذا فإنه يجب تكاتف الجميع والعمل جدياً من أجل حلها والحد من تداعياتها، فمن الضروري أن نعلم بأن الاحتباس الحراري يعني كل إنسان في هذا العالم، لأن ارتفاعاً في المعدلات الحرارية لبضع درجات مئوية فقط قد يؤدي إلى كوارث مخيفة كما يحدث حالياً في مختلف أنحاء العالم، ويمكن لهذا الارتفاع الحراري أن يحدث تغييرات هائلة في الظروف الحياتية للإنسان، وكذلك للإمكانيات الطبيعية على سطح الكرة الأرضية لدعم الحياة البشرية، وقد لا يشعر بها البعض بشكل مباشر، إلا أن التغيرات المناخية تؤذينا جميعاً، وليعلم الجميع ان تزايد نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون وتراكمها في كوكب الزهرة مثلا أدى إلى ارتفاع في الحرارة لايمكن العيش في وسطها لأي من الكائنات، فهل نعمل لإستحالة الحياة فوق كوكينا، وننهي الحياة التي وهبنا الله واوصانا بها وبامنا الحنون الارض؟
علاقة الاحتباس الحراري بثقب الأوزون
في المناقشات العامة يحدث أن يُربط بين الاحتباس الحراري وثقب الأوزون أي تحلل طبقة الأوزون الواقية من الأشعة الشمسية فوق البنفسجية، ولكننا في الحقيقة هنا نجد تأثيرين مختلفين، فبعض الحسابات النظرية تبين زيادة في الاحتباس الحراري مصحوبا بزيادة في تحلل الأوزون، ولكن ما هو أكيد هو أن غازات الكلوروفلوركاربون من الغازات التي تزيد من تحلل غاز الأوزون وبالتالي زيادة اتساع ثقب الأوزون، تعمل في نفس الوقت على رفع درجة حرارة الأرض، ولكن تأثيرها في رفع درجة الحرارة قليل، فبالتاكيد هناك علاقة بين الاحتباس الحراري وثقب الأوزون، وهي علاقة الحلقة المفرغة المغلقة، أي أن الاحتباس الحراري يساهم في وجود ثقوب لطبقة الأوزون، وبالعكس، عند وجود ثقب ما بطبقة الأوزون يحدث تسرب للأشعة فوق البنفسجية إلى داخل الأرض، ما يؤدي إلى احتقان أكبر واحتباس للحرارة، كالتالي:
عندما تنبعث الغازات الدفيئة ومنها الهيدرو كلوروفلوروكاربون داخل الجو، وتصعد حتى تبلغ طبقة الأوزون، وعند اصطدامها بالأوزون، تؤثر سلباً في آلية وعمل جزيئات الأوزون، ومع الوقت يسبب هذا التأثير السلبي خلل في أداء غاز الأوزون، ثم يصبح هناك ثقب في طبقة الأوزون فيحدث تسرب للأشعة فوق البنفسجية، ويساهم دخول الأشعة فوق البنفسجية إلى جونا بزيادة الحرارة داخل غلاف الكرة الأرضية مما يزيد من حرارة اليابسة، ويساعد ارتفاع حرارة اليابسة بارتفاع الغازات الدفئية أكثر، فتصل إلى مدى أعلى وأعمق داخل طبقة الأوزون، وهكذا دواليك تستمر الحلقة
خطوات للتقليل من الاحتباس الحراري
1- التبريد والتدفئة
التقليل من استخدام الكهرباء للتدفئة في المناطق الباردة والتبريد في المناطق الحارة وذلك باستخدام مواد عازلة عند البناء
2- الكهرباء
الاقلال من استهلاك الكهرباء بصورة عامة فتوليد الكهرباء يحتاج الى حرق وقود ملوث للبيئة
3- استخدام الإضاءة المناسبة
استبدل المصابيح العادية بأخرى من الفلورسنت فهي تستهلك طاقة اقل، وتجنب مصابيح الهالوجين التي تحتاج الى طاقة اعلى وينتج عنها انطلاق حرارة اعلي، وعدم ترك المصابيح مضاءة إن لم تكن في حاجة لها
4- الثلاجات
استخدام الثلاجات ذات الكفاءة العالية والاستهلاك الاقل للطاقة
5- غسالات الملابس
اقتناء الغسالة التي تستهلك طاقة اقل والتي توفر الماء
6- الكمبيوتر
اللاب توب أو جهاز الكمبيوتر الدفتري أقل من كمبيوتر المكتب في استهلاك الطاقة واستعمال منظم الطاقة حتى يقلل من استهلاك الكهرباء وإطفاء جهاز الكمبيوتر عند عدم الحاجة له ضروري جداً
7- توفير المياه
استخدم الرؤوس الخاصة بتوفير مياه الاستحمام والتي لن تؤثر على الراحة أثناء الاستحمام وستوفر في هذه الحالة نصف الماء المستخدم في الحالات العادية
حلول لمشكلة الاحتباس الحراري
1- خفض حقيقي لكميات الطاقة المستنزفة غير القابلة للتعويض
2- خفض نسب التلوث البيئي فهناك مثلاً إمكانية لتوليد الكهرباء باستخدام الرياح أو الأشعه الشمسية
3- استخدام النقل العام بدلا من اعتلاء كل منا سيارته الخاصة وخفض عدد الرحلات والمشاوير غير الضرورية
4- ترشيد استهلاك الطاقة عن طريق إغلاق صنابير المياه وترشيد استخدامها، وإغلاق الكمبيوتر الذي لا نستخدمه
5- البحث عن وسائل أخرى مستدامة لتوليد الطاقة كالطاقات الشمسية
6- زراعة النباتات والاشجار
- استعمال مصافٍ لتنقية الدخان الصادر عن مداخن المصانع وعوادم السيارات
8- تسريع دورة غاز ثاني أكسيد الكربون الطبيعية عن طريق حقنه في باطن الأرض أو في المحيطات، وتقوم الفكرة أساساً على خزن غاز ثاني أكسيد الكربون الحابس للحرارة في مكامن طبيعية بدلاً من تركه يتراكم في الطبيعة، ومن الممكن ضخه في تكوينات جيولوجية تحت الأرض مثل طبقات فحم لا يمكن استخراجها أو آبار النفط أو الغاز الناضبة أو مكامن مائية ملحية
9- إمكانية ضخ ثاني أكسيد الكربون مباشرة في المحيطات بتراكيز لا تؤثر في المنظومة البيئية الموجودة في المنطقة، على أعماق تضمن بقاءه في المحيطات، في حالة الخزن في باطن الأرض
10- استخدام الأبنية المعزولة جيداً مثل الأبنية الترابية القديمة التي يكون حاجتها أقل بكثير للتدفئة شتاء وللتبريد صيفاً
11- البحث عن وسائل أخرى مستدامة لتوليد الطاقة كالطاقات الخضراء لزيادة حصتها ونسبتها المئوية في سوق الطاقة، مثل الطاقة الشمسية وهذا النوع من الطاقة متوافر في معظم دول العالم بل إن حسابات علماء الطاقة أكدت أن مجمل الطاقة التي يحتاجها العالم خلال عام يمكن الحصول عليها من الطاقة المتوافرة في أشعة الشمس خلال تعرض الكرة الأرضية لها لمدة ساعة زمنية واحدة فقط
12- يحتاج الأمر إلى تعاون وتضامن دولي كامل من المجتمعات والحكومات والأفراد للمساعدة على تخطي أزمة الاحتباس الحراري
الاحتباس الحراري بين الحقيقة والخيال
عن ظاهرة إرتفاع حرارة كوكب الأرض ينقسم العلماء منهم من يقول أن هذه الظاهرة ظاهرة طبيعية وأن مناخ الأرض يشهد طبيعيا فترات ساخنة و فترت باردة فالأمر لا يخلو من جدل ومعارضة، فإلى أي مدى يمكن ان تفرحنا النظرة المتفائلة؟ او أن نُصدُق تلك التوقعات المتشائمة؟ فعلى الرغم من اتفاق عدد كبير من العلماء على حقيقة سخونة الأرض واحتمالية تعرض البشرية بالفعل لأخطار محدقة بسببها، فإن هناك علماء يرون غير ذلك، مستندين على نظرة تفاؤلية وعلى حقائق علمية ومؤشرات جدلية لا يمكن تجاهلها، فبعض العلماء يرى مثلاً أن احترار كوكب الأرض قد يكون جزءاً من دورة مناخية طبيعية، ولا دخل للإنسان أو لغازات الدفيئة فيها، وبرهانهم على هذا مرور الأرض بحالة مماثلة من الدفء العالمي في فترة ما قبل الثورة الصناعية، أي قبل تنامي أنشطة الإنسان وقبل تلوث الجو بغازات الدفيئة، ومرورها أيضاً بحالة من البرودة النسبية خلال حقبة السبعينيات رغم استمرار تنامي الانبعاثات الغازية والملوثات الجوية في تلك الفترة، ويعني ذلك أن دفء الأرض قد ينقلب في أية لحظة برداً وسلاماً على كل ما عليها،ويرتكز تفاؤل هؤلاء العلماء على حقيقة أن مناخ الأرض يتصف بالديناميكية والتغير وتؤثر فيه عناصر وعوامل كثيرة جداً، طبيعية وبشرية، مما يعني صعوبة التمييز بين إسهام الأنشطة البشرية في هذا التغيير وبين دور العوامل الطبيعية في إحداثه، كما يرتكز أيضاً على أن تزامن زيادة نسبة غازات الدفيئة وتكاثرها في الجو مع ارتفاع متوسط درجة الحرارة على الأرض لا يعتبر دليلاً ولا يكفي لكي نتهمها بالتسبب في حدوث الاحتباس الحراري، بل إن هناك من العلماء من يذهب في تفاؤله إلى حد القول بأن التغير المناخي حتى لو تحقق لن يخلو من فوائد، منها مثلاً تحسن إنتاجية بعض الغابات والمحاصيل، وزيادة مصادر المياه، وتحسن حالة بعض الموائل الطبيعية، وغير ذلك من التقديرات المتفائلة
وعلى مدار التاريخ الإنساني عرفت الأرض العديد من التغيرات المناخية التي استطاع العلماء تبرير معظمها بأسباب طبيعية، مثل: بعض الثورات البركانية أو التقلبات الشمسية، إلا أن الزيادة المثيرة في درجة حرارة سطح الأرض على مدار القرنين الماضيين، أي منذ بداية الثورة الصناعية وخاصة العشرين سنة الأخيرة لم يستطع العلماء إخضاعها للأسباب الطبيعية نفسها؛ حيث كان للنشاط الإنساني خلال هذه الفترة أثر كبير يجب أخذه في الاعتبار لتفسير هذا الارتفاع المطرد في درجة حرارة سطح الأرض أو ما يُسمى بظاهرة الاحتباس الحراري
بينما يرى علماء آخرون أن المتسبب الرئيسي في زيادة درجة الحرارة على سطح الكوكب هو التلوث الهوائي الناتج عن الأنشطة الإنسانية المختلفة وأن استمرار معدلات انبعاث غازات الصوبة الخضراء وعلى رأسها ثاني أكسيد الكربون في مستواها الحالي قد يعني كارثة محققة؛ حيث يحتمل زيادة درجة الحرارة 10.5 درجات عن معدلها الحالي مع نهاية هذا القرن، مما يعني النقص الشديد في موارد المياه العذبة نتيجة لتبخرها وارتفاع مستوى المياه في البحار والمحيطات نتيجة لذوبان الثلج في الأقطاب المتجمدة بمعدل قد يصل إلى عشرة أقدام؛ مما سيؤدي إلى غرق معظم الدول الساحلية، ويرى المؤيدون لفكرة أن زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري هي المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض أن زيادة نسب غازات الصوبة الخضراء في الغلاف الجوي تؤدي إلى احتباس كمية أكبر من الأشعة الشمسية، وبالتالي يجب أن تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض بصورة أعلى من معدلها الطبيعي؛ لذلك قاموا بتصميم برامج كمبيوتر تقوم بمضاهاة نظام المناخ على سطح الأرض، وأهم المؤثرات التي تؤثر فيه، ثم يقومون دوريًّا بتغذيتها بالبيانات الخاصة بالزيادة في نسب انبعاث غازات الصوبة الخضراء، وبآخر ما تم رصده من آثار نتجت عن ارتفاع درجة حرارة الأرض عن معدلها الطبيعي؛ لتقوم تلك البرامج بحساب احتمالات الزيادة المتوقعة في درجة حرارة سطح الأرض نتيجة لزيادة نسب الانبعاثات في المستقبل، ويطالب مؤيدو هذه الفكرة بالخفض السريع والفعال لنسب انبعاث غازات الصوبة الخضراء وأهمها ثاني أكسيد الكربون الذي يمثل نسبة 63% من هذه الغازات، وذلك عن طريق زيادة استخدام الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في إنتاج وقود نظيف بدلا من استخدام الوقود الحفري؛ حيث إن نسب استخدام تلك الطاقات النظيفة لا يتعدى 2% من إجمالي الطاقات المستخدمة حاليا، وهذا يستدعي تغييرًا جذريًّا في نمط الحياة التي تعودها الإنسان، وهذا يثير بصورة كبيرة الجدل العلمي الذي لم يُحسَم بعد حول مصداقية حدوث هذه الظاهرة بالصورة التي تصورها الاحتمالات، ومدى التأثير الفعلي لظاهرة الاحتباس الحراري على التغيرات المناخية التي تحدث على سطح هذا الكوكب
أفكار جديدة
هناك الآن من يرى بأن السبب الرئيسي في زيادة درجة حرارة الأرض هو الرياح الشمسية؛ حيث تؤدي تلك الرياح الشمسية بمساعدة المجال المغناطيسي للشمس إلى الحد من كمية الأشعة الكونية التي تخترق الغلاف الجوي للأرض، والتي تحتوي على جزيئات عالية الطاقة تقوم بالاصطدام بجزيئات الهواء؛ لتنتج جزيئات جديدة تعد النواة لأنواع معينة من السحب التي تساعد على تبريد سطح الأرض، وبالتالي فإن وجود هذا النشاط الشمسي يعني نقص كمية الأشعة الكونية، أي نقص السحب التي تساعد على تبريد سطح الأرض وبالتالي ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض، ويرى أصحاب هذا الفكر أنه أكثر منطقية وأبسط تبريرًا لارتفاع درجة حرارة الأرض، وأنه عند انخفاض هذا النشاط الشمسي المؤقت ستعود درجة حرارة الأرض إلى طبيعتها، بالتالي يرون ضرورة توفير المبالغ الطائلة التي تُنفق على البحث عن وسائل لتخفيض نسب انبعاث ثاني أكسيد الكربون؛ حيث إنهم مهما قاموا بتخفيض نسبه فلن يغير هذا من الأمر شيئا طالما استمر النشاط الشمسي؛ حيث إن الإنسان مهما زاد نشاطه على سطح هذا الكوكب فلن يكون ذا تأثير على النظام الكوني الضخم الذي يتضمن النظام المناخي للأرض؛ لذلك من الأفضل استخدام تلك الأموال في تنقية هواء المدن المزدحمة من الغازات السامة، أو تنقية مياه الشرب لشعوب العالم الثالث
وفي النهاية ما زال العلماء بين مؤيد ومعارض، ولم يجد السؤال عن سبب ارتفاع درجة حرارة الأرض في العقد الأخير إجابة حاسمة، فهل هو الاحتباس الحراري؟ أم هي الرياح الشمسية؟ أم لا يوجد ارتفاع غير طبيعي في درجة حرارة الأرض؟ لم يعرف أحد بشكل قاطع بعد، إلا أن الواضح أن العالم في حاجة ماسة إلى تخفيض ملوثاته بجميع أشكالها، سواء في الماء أو الهواء أو التربة؛ للحفاظ على صحة وقدرة ساكني هذا الكوكب
اتفاقية كيوتو
في عام 1997 عقدت قمة عالمية لمناقشة ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الأرض في مدينة كيوتو اليابانية، حيث وافقت أكثر من 150 دولة بالإجماع على بروتوكول لتقليل انبعاث غازات الاحتباس الحراري، وبموجب هذا البروتوكول تلتزم الدول الصناعية بتخفيض إنتاجها من هذه الغازات بمقدار 5.2% عن مستوى إنتاجها لهذه الغازات، وفي هذا البروتوكول وافقت دول الاتحاد الأوروبي على خفض إنتاجها بمقدار 8%، والولايات المتحدة بمقدار 7%، أما اليابان وكندا والمجر فستقلل من إنتاجها بمقدار 6% وتعهدت روسيا وأوكرانيا و نيوزيلندا على المحافظة على مستويات إنتاجها من غازات الاحتباس الحراري التي كانت تنتجها سابقاً، هذا وتعهدت هذه الدول على تحقيق هذه التخفيضات في الفترة بين العام 2008 وعام 2012، ورغم ان اتفاقية تغيير المناخ لم تضع أية قيود أو ضوابط طوعيه على الدول النامية إلا أن عدة دراسات للبنك، الدولي ومعهد المصادر العالمي أشارت إلى ان هذه الدول تقوم بمجهود ملموس وفعال لتقليل إنتاج غازات الاحتباس الحراري