ا. د. احتيوش فرج احتيوش - مجلة الأسوة الحسنة
لقد كثر الحديث هذه الأيام عن موضوع زراعة الأعضاء سواء من الجوانب الطبية, القانونية أو الشرعية وأحب أن ابدأ هذا المقال بأن مربط الفرس لهذا الموضوع يكمن في الإجتهاد الجماعي هو ما يجب االعمل به ويبقى الإجتهاد الفردي مهم ولكنه طريق فقط لأن يناقشه بقية الفقهاء ليصل الى مستوى الإجتهاد الجماعي ولقد أجمع فقهاء الإسلام في مجمع الفقه الإسلامي في عمان سنة 1986 على تعريف الموت وعندما نتكلم عن الموت فأنا أريد أن أضرب أمثلة حية , عندما تذبح الذبيحة يستمر القلب في ضخ الدم وهو ما نلاحظه من نزيف للدم من خلال مكان الذبح وحركة المذبوح وهذا رغم دلالته على أن القلب لا يزال يعمل لا يدل على أن هذه الذبيحة لازالت حية, فالذبيخة ماتت بإنتهاء الذبح وإذا وجد طبيب بيطري حاذق في تلك الآونة يستطيع أن يساعد في إيقاف النزيف ويستطيع أن يوصل هذه الذبيحة بحهاز التنفس وقطع الرأس كاملاً ويستمر قلب هذه الذبيحةفي النبض هل يدل ذلك على حياة هذه الذبيحة رغم عدم وجود الرأس لا أعتقد أن عاقلان سيتفقان على أن هذه الذبيحة لازالت حية كما أن الديك المذبوح وحركته وقفزه لايدل على الحياة
والموت عملية وليست حدثاً يحدث فجأة إذا أردنا أن نعرف الحياة الخلوية فأنا أقول لكم بأن الموتى الذين يدفنون لازالت بهم بعض الخلايا بدليل إنك لو أخرجت جثة من القبر بعد ايام من قبرها للاحظت بأن الحثة تحتاج الى الحلاقة يعني أن الشعر قد نمى وأن اظافرها قد تحتاج الى التقليم وهذا يعني أن الأظافر قد نمت
يقطع السياف رأس من يتهم في قضية معينة فإن رأس هذا المحكوم عليه يذهب الى مكان وتبقى جثته ويبقى الدم في إندفاع قد يصل الى عشرة أو خمسة عشرة دقيقة ذلك ذلك كله رغم دلالته على أن هناك مضخة تضخ الدم الى أعلى الا أن القلب لايزال ينبض إلا انه لايدل على وجود الحياة , لشد أصبح هذا الإنسان ميتاً منذ قطع رأسه أي منذ توقف سريان الدم الى دماغه وبالتالي فإن تاموت هو موت الدماغ إذا كنا في أحد الأماكن مستشفى أو حتى مكان عام وسقط إنسان مغمي عليه على الأرض بسبب توقف مفاجئ للقلب إذا وجد إنسان حاذق استطاع بأن يقوم بإجراءات الإسعافات له من الضغط على صدره أو قلبه مرات متعددة واعطاه نفس الحياة بالتنفس في فمه قد يرجع ذلك الإنسان الى الحياة رغم أن القلب قد مات للحظات فموت القلب وتوقفه لا يدل على الموت هو مسألة قد تكون راجعة الى أما موت الدماغ فلا رجعة فيه ولم يثبت من الناحية العلمية أن مات دماغ إنسان ورجع الى الحياة وثبت مرات عدة أن الكثير من قلوب الناس توقفت عن العمل سواء في غرف العمليات في المستشفيات أو حتى في الأماكن العامة ثم رجعت الى الحياة, فمعنى الموت هو موت الدماغ ويجب التدقيق بين الغيبوبة وتوقف الدماغ إذ أن الغيبوبة لا تعني توقفاً للدماغ وفي ليبيا أقرت اللائحة التنفيذية للقانون رقم (4) بضرورة تواجد ثلاث أطباء مختصين أحدهم مختص في أمراض الأعصاب وآخر مختص في الباطنية والثالث مختص في التخدير ( لا علاقة لهم ببرنامج زراعة الأعضاء ) من أجل التيقن والتأكد من موت الدماغ ومعرفة سبب الإغماء, وهناك علامات واضحة وهناك استرشادات تدل على موت الدماغ عندما يتأكد موت الدماغ عندما يتأكد موت الدماغ فإن ذلك الجسد ميت لا محالة ويجب الإسراع بدفنه والكثير من المسلمين يعتقد بأن اي عمل يحري له بعد ذلك هو بمثابة تمثيل بجثته , التحقق من الموت وتأكيدها مسألة طبية بحتة يجب أن يقوم بها الإطباء فقط . ” فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون “ ويتم التحقق من الوفاة بصورة قاطعة بواسطة لجنة محايدة من ثلاثة أطباء متخصصين على الأقل وعلى أن لانكون لهم اية علاقة بعملية الزراعة, إن توقف الدماغ هو توقف عمل كل جميع المراكز الحيوية والعامة جداً والواقعة في جذع الدماغ , فإذا ماتت هذه المناطق فإن الإنسان يعتبر ميتاً, لأن تنفسه بواسطة الآلة المنفسة مهما استمر يعتبر لا قيمة له ولا يرد الحياة للإنسان , وكذلك استمرار النبض من القلب وتدفق الدم من الشرايين والأوردة ( ما عدا الدماغ ) لا يعتبر علامة على الحياة طالما أن الدماغ قد توقفت حياته ودورته الدموية توقفاً تاماً لا رجعة فيه
فعندما كنا طلاباً في كلية الطب في السنة الأولى وجدنا أحد أساتذتنا يكتب على المشرحة عبارة ” الموتى يعلمون الأحياء ” وقرأناها بإندهاش واستغراب الا اننا عندما دخلنا الى المشرحة رأينا بالفعل كيف يستطيع الميت أن يعلم الحي, ولا يوجد طبيب بارع وجراح لم يمر بالمشرحة ولم يتعلم علوم التشريح بدقة, ولعلنا عندما بمواضيع زراعة الأعضاء من الموتى اتمنى لو نغير هذه العبارة ” الموتى يحييون الأحياء” أي أن الإنسان الميت يستطيع أن يهب الحياة لمن هو حي محققاً لقوله تعالى ” ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً ” إن زراعة الأعضاء أصبحت من الناحية العملية ممكنه فهي علاج واضح وممكن للتكرار في مختلف زراعة الأعضاء فحوالي 95.000 خمسة وتسعون الف عضو يتم زراعتها سنوياً , وتشير الدراسات أن تكلفة هي ربع ما يكلفه الغسيل ةالذي لا يعد علاجاً مثالياً لأن مهما صنعنا من المعدات والأدوات لن نستطيع أن نصنع كلية أو عضو من الأعضاء الإنسان يعمل تماماً وبنفس الحجم وبنفس الكيفية , وقد قرأت مقالاً علمياً حديث ( سنة 2007 ) يوضح أن تكلفة زراعة كلية واحدة في فرنسا تكلف سدس ما يكلفه غسيل لمريض واحد إذن التكلفة تتناقص مع الزمن في زراعة الأعضاء أقل كلفة
الأعضاء التي زرعت عاشت مدد كبيرة فالكلية عاشت الآن أكثر من خمسين سنة والكبد عاشت أكثر من أربعين سنة والنخاع العظمي عاش أكثر من ثلاثين سنة القلب عاش أكثر من ثلاثين سنة وهكذا بالنسبة لبقية الأعضاء فهي زراعة مجديه نحن نتكلم موضوع زراعة تعيش عمليا الى حد الآن خمسين سنة هذا يعني ان هذا الموضوع جدي وليس هزليا فهو امر ممكن من الناحية العملية وأقل كلفة من المعالجات البديلة , وهو مجدي ايضا من الناحية الفنية لأن العضو المزروع يعيش فترة طويلة , ولعل من المهم الإشارة الى أن الإنسان الذي زرعت له الكلية يعيش حياة أفضل من أولئك الذين يقومون بالغسيل الدموي , والذي يكون بواقع ثلاثة أيام في الأسبوع في مركز الغسيل وتستمر كل جلسة لمدة أربع أو خمس ساعات وما يعانيه المريض من مجهود في سبيل الوصول الى مركز الغسيل فضلاً عن معاناة قريبه الذي يرافقه وتتمثل التكلفة ايضاًفي السيارة التي ستحمله من مكان إقامته الى مكان مركز الغسيل الدموي والذي قد يبعد عشرات الكيلومترات