تاثير الإنسان على البئية
(12)
الادارة البئية والتنمية المستدامة
أ. د. أحتيوش فرج احتيوش
{ وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا } الإسراء: 29
أمر الله سبحانه وتعالى في هذه الآية بالتوسط في الإنفاق كافة؛ إذ إن التوازن هو القاعدة الكبرى في المنهج الإسلامي، والغلو في منهج الإسلام كالتفريط؛ يخل بالتوازن
فهل بالامكان إشباع العالم دون اعطاشه؟ تلك جدلية بين الحق في استغلال الموارد الطبيعية والمسئولية عن حماية البيئة، وحفظ حق الاجيال القادمة في حياة كريمة، والحديث عن عملية التنمية المستدامة سيقود حتماً الى البحث عن حل لجدلية الدمج بين المطالب والموارد، وهل الأولوية والتركيز سيكون لإنقاص المطالب ام لزيادة الموارد؟
مقدمة
تتطلب التنمية المستدامة تحسين ظروف المعيشة لجميع الناس دون زيادة استخدام الموارد الطبيعية إلى ما يتجاوز قدرة كوكب الأرض على التحمل وتجرى التنمية المستدامة في ثلاثة مجالات رئيسة هي النمو الاقتصادي، وحفظ الموارد الطبيعية والبيئة، والتنمية الاجتماعية.
وبحلول عام 2050، تشير التقديرات إلى أن عدد سكان العالم سيصل إلى تسعة مليارات نسمة مقابل ستة مليارات حاليا، وستحدث كل هذه الزيادة تقريباً في مدن وبلدات البلدان النامية،
وبحلول عام 2050، فإن الاحتياجات البشرية الأساسية من مأوى وطعام وملبس قد تتم تلبيتها بوفرة، وقد ينعم الناس بصحة أفضل وتزداد مهاراتهم، بل إن التقديرات المتشائمة تحدد متوسط الأعمار في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل عند 72 سنة مقابل 64 سنة اليوم وانخفاض معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة إلى 17 لكل ألف ولادة حية مقابل 85 اليوم، ومن المحتمل أن تنخفض نسبة الأمية بين الكبار إلى أقل من 5 في المائة، أي خُمس النسبة الحالية البالغة 25 في المائة، غير أن الاستغلال المفرط والتدمير المصاحب للتنمية هما نتاج للمجتمع الصناعي الحديث، وبخاصة منظومة قيمه ومعتقداته وبناءه السياسي، فبرغم ما للحداثة من إنجازات عديدة إلا أن لها جانبها المظلم أيضا متمثلا في الظلم الاجتماعي وإفساد البيئة، غير أن معظم الناس غير قادرين على إدراك أن "البناءات والعمليات التي تقوم عليها الحياة اليومية هي السبب في الدمار البيئي والظلم الاجتماعي، فللحداثيون ثقة مطلقة في التقنية والعلم، ولديهم ثقة لا تتزحزح في النمو الاستهلاكي واقتصاد السوق، ويعتقدون أن الحداثة قد أنتجت وبشكل طبيعي ثقافة تجارية مهيمنة تعتقد بأن كل حالات انعدام المساواة سواء الاجتماعية أو في الموارد يمكن حلها من خلال التنمية، والابتكار، والتمويل والنمو والنمو المستمر المضطرد ويرون ان الرفاهية الاقتصادية ستقود إلى تحقيق الرفاهية في مجالات الحياة الأخرى، وأن التقنية ستجد حلولا لكل المشاكل وأن الحالة الإنسانية سوف تتحسن بالتدريج من خلال الوفرة وأن الإنتاج على نطاق واسع سيؤدي إلى تحقق الوفرة والتي بدورها ستؤدي إلى خلق نزعة استهلاكية مادية تكون مصدراً للسعادة البشرية من خلال التنافس على المنفعة الفردية وإعطاء المصالح الفردية أولوية على المصالح العامة، هذه المعتقدات هي التي دفعتهم نحو الاستعمار، والتنمية الصناعية والاقتصادية، فضلا عن طريقة الاستجابة للمشاكل الاجتماعية والبيئية الناتجة عن ممارساتها ونظرة الانسان إلى الأرض على أنها مجرد مصدر وافر وغير ناضب للسلع، وتركيزه عملية التقدم بشكل أعمى على تحويل الموارد الطبيعية بواسطة التقنية إلى سلع استهلاكية تتحول بشكل سريع جدا إلى نفايات، وقد هيمن هذا التركيز على دور الاقتصاد والنمو الاقتصادي على صناعة القرار الاقتصادي والسياسي، حيث أصبح الاقتصاد أساس الحياة والعلاقات في المجتمع الحديث، فالنزعة الاقتصادية قوية جدا إلى حد النظر للاقتصاد كحقيقة ثابتة بدلا من أن يكون وسيلة لتحقيق حال أفضل، واصبحت النقود ومالكيها هي السلعة الأسمى، وتطغى معايير الحياة المترفة المسرفة المدفوعة بالنزعة الاستهلاكية الواسعة على كل الاعتبارات الأخرى، ويصبح السوق هو المحدد الأساسي لما يحدث في المجتمع، ويتعزز الاعتقاد بأن الوفرة من خلال الإنتاج والاستهلاك الواسعين ستحل كل المشاكل وساهمت وسائل الإعلام الدعائية في التأكيد على أولوية الثروة والنقود في تحديد مكانة الفرد في المجتمع، ونتيجة لهذا الوهم المضلل الذي نشأ من خلال هذا الاعتقاد في التقدم والتنمية وخرافة التطور الإنساني جعلنا نستهلك الآن في سنة واحدة أكثر مما أستهلكه الإنسان في العشرين قرناً الماضية، ولذا فمن الضروري الاعتراف بأن القضايا البيئية هي قضايا اجتماعية وثقافية وأنه في ظل غياب التحليل النقدي للمعتقدات الأساسية والأطر السياسية الاجتماعية للمجتمعات الصناعية لن يكون هناك مبادرات ناجحة تجاه العدالة الاجتماعية والبيئية، ولن يصبح المجتمع الحديث في وضع يسمح له بالتكيف مع رؤية عالمية بديلة وبناء سياسي وثقافي واجتماعي قادر على دعم بروز مجتمع مستدام بيئيا وتنمويا، ومن الواضح أنه لا يمكن إيجاد مجتمع عادل بيئيا واجتماعيا عندما تكون الحياة الاجتماعية فيه واقعة تحت هيمنة وتأثير قوى السوق، والربح، والنمو الاقتصادي، ومعايير الرفاهية المتنامية، كما أن النزعة الاستهلاكية غير المقيدة تؤدي إلى استغلال غير مقيد، وبناء عليه فإن معالجة تلك القضايا يتطلب تفكيرا جديدا يعترف بالعلاقة المتداخلة بين الإنسان والبيئة في ظل التنمية المستدامة التي توازن بين الحداثة التنموية، والمحافظة على البيئة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتعزيز سعادة الأفراد والمجتمع، وتستطيع المعايير والمؤسسات العامة فيها الحفاظ على نوع من التضامن الاجتماعي الذي يمكن من خلاله المساهمة في سعادة وخير الجميع.
ولقد صار تأكيد الجودة البيئية وظيفة رئيسية من الوظائف المتعارف عليها لإدارة مؤسسات الأعمال، وتم إرساء ما يسمى بمنظومة الاقتصاد العالمى المتواصل، وذلك بناء على القواعد والأسس التى قام بإرسائها وإعدادها المشاركون فى مؤتمر قمة الأرض بريو دي جانيور عام 1992 وتهدف هذه القواعد إلى توفير كافة المقومات العلمية والمادية لتحقيق أهداف كل من: التنمية، التجارة والبيئة وأشارت هذه الوفود إلى ضرورة إحداث تحولات فى النظرة السائدة والخاصة بضرورة تحقيق أعلى معدلات للإنتاجية، وإلى ضرورة إحداث التوازن بين الإنتاج وتنميته وبين البيئة والحفاظ عليها.
لقد خلق الله البئية في توازن وفقاً لدورة حياة محددة تعمل على ضمان استمرارية تواجد العناصر البيئية مع استمرار الكون الطبيعى والإنسانى، والذى خلقه الله سبحانه وتعالى، وفقاً لدورة فطرية يؤدى حدوث خلل فى أحد عناصرها إلى التأثير على جودة أدائها الفطرى والطبيعى، هذا علاوة على ما يحدث من اندثار للرصيد المتاح من هذه العناصر والبيئة كنظام حيوى تتفاعل مع بعضها البعض لتكون مصدرا للاحتياجات، البشرية للاستمتاع بالموجودات أو الأصول الطبيعية فالمياه توفر للإنسان الموارد المائية الطبيعية اللازمة له وللحياة العامة، ولتزويد الجسم البشرى باحتياجاته من مياه الشرب كذلك فإنه يتم الاعتماد على المياه فى رى الأراضى الزراعية والتى تستنفذ حوالى 65 % من الموارد المائية المتاحة، هذا بالإضافة إلى استخدام المياه للأغراض الصناعية المختلفة فى البناء والتشييد ولما كانت المياه من الموارد الطبيعية التى يتم الاعتماد عليها فى تحقيق استمرارية الأداء البشرى والنباتى والحيوانى، لذلك كان لابد من الاعتماد على هذا المورد الطبيعى بمكوناته وجودته الفنية المتعارف عليها دون المساس بنوعية هذه المكونات أو بكمياتها وتتأثر البيئة بالأنشطة الصناعية والزراعية والخدمية، فالمياه تفقد جزءاً من خواصها الطبيعية نتيجة الصرف الصناعى، كما يتأثر الهواء وتصير المياه النقية مياه ملوثة كذلك فإن الهواء الجوى تتزايد معدلات تركيز بعض عناصره مثل غاز أول أكسيد الكربون وغاز ثانى أكسيد الكربون، وغاز ثانى أكسيد الكبريت بمعدلات غير مسموح بها وضارة وينتج عن التغيرات التى تحدث فى العناصر البيئية السابقة مجموعة من التأثيرات البيئية الخطيرة والتى تؤدى إلى انخفاض كفاءة وانتاجية عناصر التنوع البيولوجي والأحيائى، وتتزايد خسائر هذه العناصر مع تزايد معدلات تركيز العناصر الهوائية والمائية بمعدلات تزيد عن المعدلات المسموح بها، وصارت هذه الخسائر من العوامل المؤثرة بشكل واضح على الناتج والدخل القومى، كما تؤثر هذه العناصر الضارة بالبيئة على الموارد البشرية، وذلك نتيجة للأضرار الصحية التى تلحق بالأفراد نتيجة لانتشار معدلات التلوث البيئي التى ينشأ عنها العديد من الأمراض، ومما يؤدي أيضا إلى تزايد تكلفة العلاج الطبي وخسائر الوفاة المبكرة وقد خُلِق التنوع البيولوجي من العناصر البيئية والطبيعية فى شكل مجموعات نوعية ووظيفية وكمية، أى أن كل عنصر منها يؤدى وظيفة حيوية محددة فالتنوع البيولوجى يتكون من النباتات، والطيور، والحيوانات، وعناصر المحميات الطبيعية المختلفة، وعناصر الثروة البحرية من أسماك ومن شعب مرجانية، هذا بالإضافة إلى الجبال والأنهار والبحار والشواطئ والأشجار والغابات، والموائل البيئية وغيرها من أمثلة هذه العناصر البيئية وعناصر التنوع البيولوجي ذات قيمة اقتصادية هامة، وارتبطت عناصر التنوع البيولوجي من حيث الاستفادة منها بالبيئة السكانية المحيطة بها، فالنباتات التى تنمو فى الصحراء والتى تعتمد على مياه الأمطار فى نموها، وعلى خزانات المياه الجوفية فى توفير المياه اللازمة لها أيضا قد تكون مصدراً لغذاء السكان الذين يعيشون بجوار هذه النباتات، ويؤدى استهلاكها بطريقة عشوائية إلى انخفاض قيمتها الاقتصادية الحقيقية فالقيمة الاقتصادية لنبات طبي هى القيمة التى يمكن تحصيلها مقابل بيع ذلك النبات طبقاً للمادة الخام التى تنتج عن هذا النبات وعلى ذلك فإن حصر وتقييم عناصر التنوع البيولوجي ذات القيمة الاقتصادية أصبح ضرورة ملحة؛ وذلك بغرض تحقيق الأهداف الاقتصادية والحيوية البيئية لها، وبما يؤدى إلى الحفاظ عليها من الهلاك والاندثار،
تعريف التنمية المستدامة
هي التنمية الاقتصادية والبيئية، والاجتماعية وهي التي تُلبي احتياجات الاجيال الحاضرة دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها الخاصة، والتنمية المستدامة ليست حالة ثابتة من الانسجام، وإنما هي عملية إدارة وتغيير وإستغلال الموارد، وتوجيه الاستثمارات، واتجاه التطور التكنولوجي، والتغييرات المؤسسية التي تتماشى مع الاحتياجات المستقبلية فضلاً عن الاحتياجات الحالية ولعل من أهم التحديات التي تواجهها التنمية المستدامة هي القضاء على الفقـر، ويتم ذلك من خلال التشجيع على اتباع أنماط إنتاج واستهلاك متوازنة، دون الإفراط في الاعتماد على الموارد الطبيعية ويقودنا الحديث عن عملية التنمية المستدامة الى البحث عن حل لجدلية الدمج بين المطالب والموارد، وهل الأولوية والتركيز سيكون لإنقاص المطالب ام لزيادة الموارد؟ وهل أن الممارسات الاقتصادية الحالية متجذرة بشكل عميق في نموذج الحداثة ومرتبطة بالمؤسسات العلمية التقنية الحديثة، وبناءا عليه فإن المؤسسات المهيمنة تستطيع بالفعل أن تتعلم وأن تعلمها يمكن أن ينتج تغيرا مفيدا؟ وأن قوى السوق في الماضي ليست السبب في التدهور البيئي أو أنها يمكن أن تتسبب في أزمة بيئية في المستقبل وأن الأزمة البيئية ليست إلا نتيجة للجهل والجشع وقلة البصيرة وهو ما يمكن كبحه من خلال تطوير التعليم وسن التشريعات وترشيد استخدام الموارد، أم أن هناك ارتباطاً وثيقا بين الجودة البيئية والمساواة الاجتماعية، فحيثما يحدث تدهور للبيئة يكون ذلك مرتبطا في معظم الأحوال بقضايا العدالة الاجتماعية والمساواة، والحقوق ونوعية حياة الناس بشكل عام، وأن من الظلم تحميل تبعات المخاطر البيئية على كاهل أطراف لم تكن مسئولة عن التسبب فيها وخاصة الفئات الهامشية في المجتمع كالفقراء، أم انه لابد من حدوث ثورة في النموذج الإرشادي المهيمن إذا ما أريد إنقاذ كوكب الأرض من الفساد البيئي، وتبعا لذلك فلابد أن نعمل على تكييف أنفسنا للحفاظ على الطبيعة المهددة بالفناء بدلا من تكييف الأرض لتناسب احتياجاتنا.
أن نظام الإدارة العامة السليم، والاعتبارات البيئية والاجتماعية هي عوامل أساسية في تحقيق النجاح على أرض الواقع، وأن الجدل بشأن المفاضلة بشأن اختيار التنمية أو الاستدامة البيئية والاجتماعية لم يعد قائماً، فالأمر ليس إما هذا أو ذاك، ففي العالم الحقيقي، تمثل الموارد الطبيعية في كثير من البلدان النامية محرك لنموالغايات والخدمات الإيكولوجية والحد من الفقر، لكن إذا لم تُستخدم الاستخدام الرشيد فإن احتمالات النمو تتعرض للخطر.
وعلى جانب التنمية الاجتماعية، أصبح جلياً للعيان أنه حتى يتسنى لبلد ما تحقيق استدامة النمو، فإنه بحاجة إلى مؤسسات قوية تتسم بالشفافية، وتخضع للمساءلة أي مؤسسات تسمح للحكومات أن تعمل بفاعلية لتلبية احتياجات شعوبها، وكذلك نجد أن المشاركة من القاعدة إلى القمة في عملية صنع القرار تُعد عنصراً أساسياً لتحقيق نتائج إنمائية مستدامة.
مفهوم التنمية المستدامة
يقصد بالتنمية المستدامة تحقيق معدلات من التنمية فى الموارد المتاحة بما يتجاوز معدلات النمو السكانى وبما لا يؤدى إلى الاضرار بتوفير الاحتياجات الخاصة بالأجيال القادمة من هذه الموارد وعلى ذلك فإن التنمية المستدامة تتكون من العناصر الآتية:
1. رصيد الموارد الطبيعية المتاح.
2. رصيد كمية المياه.
3. المساحات المتاحة من الأراضي للاستزراع.
4. المساحات المتاحة من الأراضي للمباني.
5. عدد أشجار الغابات.
6. عدد أشجار الفاكهة.
7. آبار البترول السائل والغاز الطبيعي.
8. المساحات الخضراء.
9. الطيور والحيوانات النادرة.
10. عناصر التنوع البيولوجي الأخرى.
11. الرصيد المضاف من عناصر التنوع البيولوجي السابقة.
12. رصيد آخر الفترة من عناصر التنوع البيولوجي.
ويعتبر رصيد آخر الفترة من الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجى المقياس الواقعى للتنمية المستدامة، ويعنى ذلك أنه كلما زاد رصيد آخر الفترة من الموارد الطبيعية المتاحة كلما أدى ذلك إلى تزايد معدلات التنمية المستدامة، ويتم تبويب التنمية المستدامة على أساس الهدف وعلى الوجه التالى:
1. التنمية المستدامة للموارد الطبيعية
ويقصد بها توفير أرصدة من الموارد الطبيعية فى تاريخ معين والتى تكفى للأجيال القادمة بعد نفاد الكمية المستهلكة بواسطة الأجيال الحالية من السكان.
2. التنمية المستدامة للنمو الاقتصادى
ويقصد بها معدل التغير فى ما يخص الفرد من الناتج القومى والذى يتحقق خلال فترة معينة، ويتطلب تحقيق هذا مقابلة ذلك المعدل مع معدل النمو فى الموارد باستخدام التغيرات التى تطرأ على إنتاجية الموارد المتاحة.
3. التنمية المستدامة للنمو الاجتماعى
التي تتكون من مجموعة من المتغيرات وهى: التعليم، الصحة، مستوى المعيشة، وتتحقق التنمية الاجتماعية المستدامة عندما تتوافر الموارد اللازمة لمقابلة احتياجات الأجيال القادمة من فرص التعليم، ومن الخدمات الصحية وأيضا من معدلات مقبولة لمستوى المعيشة والتى تتجنب حدود ومعدلات الفقر.
خصائص التنمية المستدامة
1. أن التنمية المستدامة تمثل ظاهرة عبر جيلية، أي أنها عملية تحويل من جيل إلى أخر، وهذا يعني أن التنمية المستدامة لابد أن تحدث عبر فترة زمنية لا تقل عن جيلين، ومن ثم فإن الزمن الكافي للتنمية المستدامة يتراوح بين 50 إلى 60 سنة.
2. أن للتنمية المستدامة مستويات متفاوتة في القياس، فالتنمية المستدامة هي عملية تحدث في مستويات عدة تتفاوت فقد تكون عالمية، إقليمية، او محلية، ومع ذلك فإن ما يعتبر مستداما على المستوى القومي ليس بالضرورة أن يكون كذلك على المستوى العالمي.
3. أن للتنمية المستدامة مجالات متعددة، حيث تتكون التنمية المستدامة من ثلاثة مجالات على الأقل: اقتصادية، وبيئية، واجتماعية ثقافية.
4. أن للتنمية المستدامة تفسيرات متعددة فمع أن كل تعريف يؤكد على تقدير للاحتياجات الإنسانية الحالية والمستقبلية وكيفية الإيفاء بها، إلا ان كل التعريفات لا تملك تقديراً موضوعياً لتلك الاحتياجات.
أهداف التنمية المستدامة
إن أهداف التنمية العامة هو رفع المستوى الاجتماعي، الثقافي، الاقتصادي والصحي، وحل المشكلات الناجمة عن التخلف وتهيئة فرص جديدة للعمل للأفراد والمجتمع، والانتفاع الكامل بكافة الإمكانات والموارد وتهيئة طاقات أفراد المجتمع لاستغلال موارد بيئتهم وتنظيم علاقاتهم بعضهم ببعض أثناء العمل الجماعي الموجه لإحداث التغيير، كما تسعى التنمية المستدامة إلى جانب هذا كله إلى تحقيق هدف رئيسي هو تنمية طاقات الأفراد لكي يتحمل كل منهم مسؤولياته تجاه خطة التنمية له خاصة ولمجتمعه عامة، ومن أهم أهداف التنمية المستدامة، القضاء على الفقر وتحسين الظروف المعيشية للإنسان، وذلك عن طريق العمل على اتباع أنماط إنتاج واستهلاك متوازنة دون الإفراط في الاعتماد على الموارد الطبيعية، وتسعى التنمية المستدامة إلى تحقيق أهداف عامة تتلخص في إشباع الحاجات الأساسية لغالبية أفراد المجتمع مع تحقيق التجانس، بمعنى تذويب الفوارق بين طبقات المجتمع بهدف القضاء على الصراع والتنازع بينها عن طريق تهيئة الفرص المتكافئة لتحقيق تماسك المجتمع وتقوية العلاقات الاجتماعية بين الأفراد والجماعات، وكذلك الاهتمام بتحقيق التكامل بين الجوانب الاجتماعية، الاقتصادية، والثقافية الصحيحة للمجتمع حتى لا يطغى جانب على آخر أثناء تنفيذ مشاريع التنمية، مع العلم أن تنمية المجتمع كوسيلة لتحقيق التنمية على المستوى المحلي تهدف أساسا إلى البحث عما يمكن عمله لتحسن ظروف المعيشة في حدود إمكانيات وموارد المجتمع المحلي المتاحة، وغايتها كسب رضى أفراد المجتمع بمساعدتهم على مقابلة احتياجاتهم واكتساب مهارات جديدة تساعدهم على زيادة إنتاجهم ودخلهم مع التأكيد على التعاون بين الحكومة والهيئات الأهلية لمنع تكرار الخدمات وازدواجيتها لتحقيق التكامل في مختلف المجالات وتنسيق العمل بين الهيئات العاملة في مجال التنمية، سواء كانت أهلية أو حكومية، كما تهدف إلى رفع مستوى الخدمات القائمة بالفعل وتدعيم الهيئات القائمة بها بالمساعدات الفنية والمالية حتى يمكن تحقيق أهدافها التنمية من خلال المحافظة على:
1. المياه
تهدف الاستدامة الاقتصادية إلى ضمان إمداد كافٍ من المياه ورفع كفاءة استخدام المياه في التنمية الزراعية والصناعية والحضرية والريفية، وتهدف الاستدامة الاجتماعية إلى تأمين الحصول على المياه الكافية للاستعمال المنزلي والزراعة، وتهدف الاستدامة البيئية إلى ضمان الحماية الكافية للتجمعات المائية والمياه الجوفية وموارد المياه العذبة وأنظمتها الإيكولوجية.
2. الغذاء
تهدف الاستدامة الاقتصادية فيه إلى رفع الإنتاجية الزراعية والإنتاج من أجل تحقيق الأمن الغذائي، وتهدف الاستدامة الاجتماعية إلى تحسين الإنتاجية وأرباح الزراعة الصغيرة ضمن الأمن الغذائي المنزلي، وتهدف الاستدامة البيئية إلى ضمان الاستخدام المستدام والحفاظ على الأراضي والغابات والمياه والحياة البرية والأسماك وموارد المياه.
3. الصحة
تهدف الاستدامة الاقتصادية فيها إلى زيادة الإنتاجية من خلال الرعاية الصحية والوقائية وتحسين الصحة والأمان في أماكن العمل، وتهدف الاستدامة الاجتماعية لفرض معايير للهواء والمياه والضوضاء لحماية صحة البشر وضمان الرعاية الصحية الأولية للأغلبية الفقيرة، وتهدف الاستدامة البيئية إلى ضمان الحماية الكافية للموارد البيولوجية والأنظمة الإيكولوجية والأنظمة الداعمة للحياة.
4. السكن والخدمات
تهدف الاستدامة الاقتصادية فيها إلى ضمان الإمداد الكافي والاستعمال الكفء لموارد البناء ونظم المواصلات، وتهدف الاستدامة الاجتماعية لضمان الحصول على السكن المناسب بالسعر المناسب بالإضافة إلى الصرف الصحي والمواصلات للأغلبية الفقيرة، وتهدف الاستدامة البيئية إلى ضمان الاستخدام المستدام أو المثالي للأراضي والغابات والطاقة والموارد المعدنية.
5. الدخل
تهدف الاستدامة الاقتصادية إلى زيادة الكفاءة الاقتصادية والنمو وفرص العمل في القطاع الرسمي، وتهدف الاستدامة الاجتماعية إلى دعم المشاريع الصغيرة وخلق الوظائف للأغلبية الفقيرة في القطاع غير الرسمي، وتهدف الاستدامة البيئية إلى ضمان الاستعمال المستدام للموارد الطبيعية الضرورية للنمو الاقتصادي في القطاعين العام والخاص.
محددات التنمية المستدامة
تحولت نظرة دول العالم فى الآونة الأخيرة سواء كانت دول متقدمة أم دول نامية من الاهتمام بالتقييم الاقتصادى والاجتماعى للقطاعات المختلفة عن الفترات الماضية إلى إجراء ذلك التقييم عن الفترات المستقبلية، ومن هنا ظهر مفهوم التنمية المستدامة، وتعتبر الآثار البيئية، السالبة التى انعكست على عناصر التنوع البيولوجي وعلى الموارد الاقتصادية والبشرية من أهم العوامل التى أدت إلى ظهور مفهوم التنمية المستدامة، وتتأثر معدلات التنمية المستدامة بمجموعة من العوامل وهى:
1. مدى كفاءة نظم الإدارة البيئية
فإن تطبيق نظام إدارة بيئية فعال يعمل على الحد من التلوث البيئي بالمصانع والوحدات الإنتاجية وبالمرافق والوحدات الخدمية، ويعمل أيضا على زيادة حجم الإنتاج نتيجة انخفاض حجم المخلفات الهوائية والصلبة والسائلة، وإعادة تدوير الجزء الذى لا يتم التخلص منه عن طريق أساليب الحد من عناصر التلوث البيئي المختلفة، ويقوم نظام الإدارة البيئية على إعداد سياسة بيئية، وتهدف تلك السياسة إلى تعديل نظام التعامل مع الخامات والموارد الطبيعية بما يؤدى إلى الحد من استخدامها لتخفيض حجم الملوثات الضارة، أو لاستبدال أنواع معينة من المواد والطاقة بأنواع أخرى منها، واستخدام المواد والخامات والطاقة فى تصنيع المنتجات الأكثر ارتباطاً بأهداف التنمية المستدامة.
2. التوزيع والاستخدام الأمثل للموارد المتاحة
من أهم السمات الاقتصادية السائدة فى دول العالم المختلفة هى محدودية الموارد المتجددة وغير المتجددة،
مما يؤدى إلى ضرورة البحث عن أساليب ملائمة لتحقيق الاستخدام الأمثل لهذه الموارد وهذا يعنى أنه لا يجب زيادة معدلات استهلاك المواد البترولية بمعدلات تتساوى أو تزيد عن معدلات الاحتياجات من هذه المواد ويجب تخصيص هذه الموارد وبصفة خاصة غير المتجددة للاستخدامات التى تحقق أعلى نواتج ممكنة وبأقل معدلات من الآثار البيئية السالبة، فإن انخفاض ما يخص الوحدة المنتجة من المياه يؤدي إلى إمكانية ري مساحة معينة بكمية أقل من المياه مما يترتب عليه زيادة كمية الإنتاج الزراعي كنتيجة لاستخدام الكمية المدخرة من المياه فى ري مساحات إضافية من الأراضي التى يتم استزراعها.
3. الانتفاع بالطاقات الإنتاجية المتاحة
يتم تخطيط الطاقات الإنتاجية للشركات ولمؤسسات الأعمال طبقاً للاحتياجات الخاصة بأسواق المنتج أو الخدمة، ويؤدى تحقيق الشركات ومؤسسات الأعمال لمعدلات اقتصادية من الطاقة الإنتاجية إلى تحقيق استمرارية تواجدها فى أسواق العمل المختلفة، ويؤدى عدم استغلال الطاقة الإنتاجية المتاحة لكل شركة أو مؤسسة منها إلى عدم التمكن من تحقيق الأهداف الاقتصادية المستدامة لها، هذا بالإضافة إلى عدم مقابلة احتياجات الأسواق المحلية والخارجية من منتجات هذه الشركات والمؤسسات، وبالتالى ضعف مساهمتها فى تحقيق الأهداف المرتقبة للمساهمة فى منظومة التجارة لضعف مقومات التنمية لديها، هذا علاوة على انخفاض معدلات الانتفاع بالموارد المخصصة لها فى تحقيق أهداف التنمية ولذا، فإن تخفيض حجم الإنتاج نتيجة عدم إمكانية تحقيق معدلات الطاقة الإنتاجية المستغلة المستهدفة يؤي إلى التأثير على معدل التنمية المستدامة، ولذلك فإن من أهم الأساليب التى يمكن الاعتماد عليها فى تحقيق التنمية المستدامة هى: إجراء دراسات تبحث فى مسببات انخفاض حجم الإنتاج من منتج يعتمد على عناصر الموارد الطبيعية.
أساليب تحقيق التنمية المستدامة
أ. التربية البيئية
هي رؤية تربوية تسعى إلى إيجاد توازن بين الرخاء الإنساني والاقتصادي والتقاليد الثقافية واستدامة الموارد الطبيعية والبيئية من أجل حياة أفضل للفرد والمجتمع في الحاضر وللأجيال القادمة أيضا، وهي عملية تربوية تستهدف تنمية الوعي لدى الانسان واثارة اهتمامه نحو البيئة وذلك بتزويده بالمعارف والمهارات لحل المشكلات البيئية الحالية وتجنب حدوث مشكلات بيئية جديدة، وتطبيق مبادئ التربية للتنمية المستدامة يتطلب الاعتماد على منهجيات ومقاربات تربوية متعددة الأغراض والأساليب لتأمين تعلم أخلاقي مدى الحياة لجميع فئات المجتمع والمناطق، وتشجيع احترام الاحتياجات الإنسانية التي تتوافق مع الاستخدام المستدام والمتوازن للموارد الطبيعية والمحافظة عليها من أجل البشرية في حاضرها ومستقبلها، وتغذي الحس بالتضامن والتعاون على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية في تجنب المشكلات البيئية وحلها، وينبغي أن تكون التربية البيئية عملية مستمرة مدى الحياة داخل نظام التربية النظامية وخارجه ولا يجب ان تقتصر التربية البيئية على فرع واحد من فروع العلوم بل تستفيد من المضمون الخاص بكل علم من العلوم في تكوين نظرة شاملة متوازنة، وتعلم التربية البيئية للدارسين في كل سن، التجاوب مع البيئة والعلم بها وحل مشكلاتها مع العناية ببيئة التعلم في السنوات الأولى، وليكون لهم دور في تخطيط خبراتهم التعليمية وإتاحة الفرصة لهم لاتخاذ القرارات وقبول نتائجها، وتساعد في تقريب الفجوة بين الأبحاث العلمية وبين المناهج الدراسية وذلك من أجل زيادة فاعلية التربية البيئية، لتصل الى مساعدة الأفراد في اكتساب الحساسية والوعي للبيئة الكلية ومشكلاتها، والحصول على تجارب متنوعة في البيئة واكتساب تفهم أساسي للبيئة ومشكلاتها، واكتساب سلسلة من القيم ومشاعر الاهتمام بالطبيعة، والمحفزات للمساهمة الفاعلة في تحسين وحماية البيئة، واكتساب المهارات في تشخيص وحل مشكلات البيئة وتوفير الفرص للأفراد والمجموعات الاجتماعية لاكتساب المعرفة الضرورية لصنع القرار، وحل المشكلات، مما يسمح لهم بالمساهمة بوصفهم مواطنين مسئولين في تخطيط وإدارة مجتمع ديمقراطي.
وللتربية البيئية احكام معيارية منبثقة من الأصول الإسلامية، بمثابة موجهات لسلوك الإنسان تجاه البيئة، تمكنه من تحقيق وظيفة الخلافة في الأرض منها: قيم المحافظة، قيم الاستغلال الامثل للموارد وعدم الاسراف، قيم التكيف والاعتقاد، وقيم الجمال.
ب. التعليم البيئي
التعلّم يبدأ عند الولادة ولذا فأن الرعاية والتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة عنصران اساسيان من عناصر التعليم الأساسي، فلابد من توسيع وتحسين الرعاية والتربية على نحو شامل في مرحلة الطفولة المبكرة، وتأسيس عملية تعلّم فعّالة في المراحل الابتدائية والمراحل اللاحقة في المدرسة، وذلك يحتاج لوضع خطط لتطوير القراءة والتعليم غير الرسمي، للمساهمة في الحد من الامية ولتنمية القدرات الفردية وكذلك لتدريب العاملين في مجال التخطيط التربوي، وتحسين السياسات التي سوف تؤدي إلى نفاذ متزايد إلى التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، وتحسين جودة الممارسات في التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، وبناء القدرات الوطنية والإقليمية المتعلقة بالرعاية في مرحلة الطفولة المبكرة، وتعزيز القدرات الإقليمية والوطنية على تجديد الأنظمة التعليمية وتنويعها وتوسيعها، مع التركيز على تلبية الحاجات المختلفة للأعداد المتزايدة من الطلاب والمتعلّمين الذين وصلوا إلى مستوى التعليم الاعدادي والثانوي، وقد وصل التفكير العالمي بشأن دور التعليم العالي في القرن الحادي والعشرين إلى أوجه واصبح السعي حثيثاً لتحقيق الاهداف التالية:
أ) توسيع النفاذ إلى التعليم العالي.
ب) زيادة تناسب مناهج التعليم العالي.
ت) تعزيز دور التعليم العالي في التنمية الاجتماعية والتنمية المستدامة.
ث) تشجيع الأبحاث والنشاطات التنموية في مجال التعليم العالي.
ج) تحسين نوعية التعليم العالي.
ح) زيادة الفعالية في إدارة التعليم العالي وتمويله.
خ) تحسين المواصفات الاحترافية ووضع العاملين في التعليم العالي.
د) زيادة التعاون وتبادل المعلومات بين مؤسسات التعليم العالي.
ويهدف التعليم البيئي لتهيئة الافراد لتحمل مسؤولياتهم نحو حماية البيئة وبذلك يجعل سلوكهم واعمالهم متفقة مع المعدلات التي تضمن بيئة صحية، ولهذا يجب على الافراد ان يساهموا مساهمة فعالة في الاعمال التي تهدف الى حماية البيئة، وان يترقوا بالجهود التي يبذلونها في حل المشاكل على المستوى المحلي والاقليمي والدولي، كما ان الحاجة الى وجود فهم كافي رفيع الثقافة في العمل الوظيفي للبيئة يجب ان يكون احد المتطلبات التي تتماشى مع مشاكل البيئة الناجمة عن التصنيع والتطور الفني من ناحية، ومن المشاكل المتولدة في البيئة غير النامية من ناحية اخرى، وعندما يتطور مفهومنا للعلاقات بين الانشطة البشرية وازدياد مشاكل البيئة، ومحور التربية البيئية، فان ذلك قد يصبح المحور الذي تدور حوله الاستراتيجيات المستقبلية للتعليم العام، والتي تمد المدنيين في العالم بالنظرة الجديدة والسلوك الاكثر ملائمة لمطالب الفرد والطبيعة، ولذا يجب ان نعلم ان الهدف من التعليم البيئي هو تطوير دراية سكان العالم فيما يختص بالبيئة والمشاكل التي ترتبط بها، والتي تشمل المعرفة والمهارات والسلوك والدوافع والاقحام في العمل الفردي والجماعي وذلك لايجاد الحلول للمشاكل الحالية، ومنع ما يستجد من المشاكل الجديدة، ولكي يمكن حل مشاكل البيئة يجب ان نتعلم كيف نفكر، وان نعمل بطرق جديدة، كما يجب ان نطرق باب التطور الاقتصادي بوعي وادراك كبير، وان نفهم المتضمنات البيئية في ارائنا، ويجب ان يوجه التعليم في مراحله المختلفة ليساعد الافراد والجماعات لكي يكتسبوا الوعي والحساسية للبيئة الشاملة والمشاكل الموحدة، وادراك الفهم الاساسي للبيئة الشاملة والمشاكل المرتبطة بها ومسؤولية الانسانية ودورها، وبالتالي احراز القيم الاجتماعية، والشعور القوي نحو الانتماء للبيئة والدوافع للاشتراك بفاعلية وايجابية في صيانتها وتحسينها، وصولاً لتقويم مقاييس البيئة وبرامج التعليم في علوم التنبؤ والسياسة والاجتماع والاحساس والعوامل التعليمية، وتطوير الاحساس بالمسؤولية والطوارئ فيما يتعلق بمشاكل البيئة لضمان العمل المناسب لحل هذه المشاكل.
ج. الثقافة البيئية
تقوية النشاط المعياري في حقل الثقافة وحماية التنوع الثقافي وتعزيز التعددية الثقافية والحوار بين الثقافات، والمحافظة على المواقع الأثرية والمحافظة على الثقافة وحمايتها وتعزيزها، وتعزيز الحوار والإتصال بين مختلف الثقافات لضمان احترامها وفهم التنوع الثقافي وتقوية الروابط بين الثقافة والتنمية من خلال القدرة على البناء ومشاطرة المعرفة، والتأكيد على اهمية الثقافة وتشجيع العمل الرامي الى تعزيز الثقافة وحماية الممتلكات والأعمال الثقافية وصونها والدفاع عن الحقوق الثقافية بالإضافة الى حماية التنوع الثقافي وتعزيز التعدد الثقافي والحوار بين الثقافات والربط بين الثقافة والتنمية من خلال تعزيز المعرفة الثقافية وحشد المجتمعات الثقافية وتعزيز السياحة الثقافية، وحسن إدارة الموارد الثقافية وضمان إدارتها واستعمالها في مختلف المشاريع والنشاطات.
ح. المساواة بين الجنسين
المساواة بين الجنسين هي مسالة اساسية من أجل تحقيق التنمية البشرية المستدامة، وعليه فان السعى الى تحقيق هذا الهدف يعتبر من الاولويات، لخلق التكافوء من أجل المشاركة في التنمية وبناء المجتمع، والسعي لانهاء كافة اشكال التمييز ضد المرأة بالرغم من بعض التقدم في مسالة المساواة الا ان التمييز وعدم المساواة ما زال متاصلاً في الاطار القانوني ولا زالت الفتيات والنساء تعانين من ظروف معيشية سيئة ونظرة اجتماعية متدنية ويمارس ضدهن التمييز لانهن نساء، وذلك يحتاج بشكل خاص لرفع مستوى الوعي لدى الناس والتركيز على أهمية تحقيق المساواة.
خ. الاتصال والمعلومات
تعزيز إمكانية الحصول المتساوي على المعرفة والمعلومات خصوصاً في الحقل العام، وتعزيز حرية التعبير وتدعيم قدرات الاتصال، تعزيز التدفق الحر للأفكار عبر الكلمة والصورة وتوسيع الحصول على هذه المعلومات من أجل ضمان التدفق الحر للمعلومات بغية مساعدة المجتمعات وتحقيقها للديمقراطية، وضمان الحصول المتساوي للأفراد والمؤسسات على فرص مشاطرة المعرفة وتعزيز الإبداع الذي تؤمنه التكنولوجيا ما بين الدول المتقدمة والدول النامية، في تطوير المهارات في الاتصالات والمعلومات وتحسين البنى التحتية ووسائل الإعلام والمكتبات والأرشيف وأقسام المعلومات وشبكاتها وتعزيز تدريب الأخصائيين والعاملين في مجالات الاتصال والمعلوماتية، وتدعيم التربية والتدريب المستدام في العلوم المعلوماتية.
دور تقنية المعلومات في تحقيق التنمية المستدامة
في هذا العصر الذي تحدد فيه التكنولوجيات القدرات التنافسية، تستطيع تقنية المعلومات أن تلعب دوراً مهماً في التنمية المستدامة، إذ يمكن تسخير الإمكانات اللامتناهية التي توفرها تقنية المعلومات من أجل إحلال تنمية مستدامة اقتصادية واجتماعية وبيئية، وذلك من خلال تعزيز التكنولوجيا من أجل التنمية المستدامة كما يلي:
1. تعزيز أنشطة البحث والتطوير لتعزيز تكنولوجيا المواد الجديدة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتكنولوجيات الحيوية، واعتماد الآليات القابلة للاستدامة.
2. تحسين أداء المؤسسات الخاصة من خلال مدخلات معينة مستندة إلى التكنولوجيات الحديثة، فضلاً عن استحداث أنماط مؤسسية جديدة تشمل مدن وحاضنات التكنولوجيا.
3. تعزيز بناء القدرات في العلوم والتكنولوجيا والابتكار، بهدف تحقيق أهداف التنمية المستدامة في الاقتصاد القائم على المعرفة، ولاسيّما أن بناء القدرات هو الوسيلة الوحيدة لتعزيز التنافسية وزيادة النمو الاقتصادي وتوليد فرص عمل جديدة وتقليص الفقر.
4. وضع الخطط والبرامج التي تهدف إلى تحويل المجتمع إلى مجتمع معلوماتي، بحيث يتم إدماج التكنولوجيات الجديدة في خطط واستراتيجيات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، مع العمل على تحقيق أهداف عالمية كالأهداف الإنمائية للألفية.
5. إعداد سياسات وطنية للابتكار واستراتيجيات جديدة للتكنولوجيا مع التركيز على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
دور الاتصالات في تحقيق التنمية المستدامة
المعارف والمعلومات تعد عنصراً أساسياً لنجاح التنمية المستدامة، حيث تساعد على التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية، وتساعد على تحسين الإنتاجية الزراعية والأمن الغذائي وسبل المعيشة في الريف، غير أنه لا بد من نقل هذه المعارف والمعلومات بصورة فعالة إلى الناس لكي تحقق الفائدة منها، ويكون ذلك من خلال الاتصالات، حيث تشمل الاتصالات من أجل التنمية الكثير من الوسائط مثل الإذاعة الريفية الموجهة للتنمية المجتمعية، والطرق المتعددة الوسائط لتدريب المزارعين وشبكة الإنترنت للربط بين الباحثين ورجال التعليم والمرشدين ومجموعات المنتجين ببعضها البعض وبمصادر المعلومات العالمية.
د. الإدارة البيئية
يعتبر نظام الإدارة البيئية من أهم النظم التى يتم الاعتماد عليها من أجل تحقيق أهداف الحد من التلوث
البيئى، وتحسين البيئة الداخلية والخارجية للشركات، وزيادة الوعى البيئى لدى العاملين بالشركات ومؤسسات الأعمال، وبما يؤدى إلى الحد أيضا من الضياع فى الموارد وفى وقت الإنتاج، وفى المياه والطاقة، ومنع إهدار الموارد الأخرى المتاحة، كما يتم قياس كفاءة الشركات الصناعية والزراعية والخدمية بمدى تكامل نظم الإدارة البيئية المطبقة بها، وتحقق الإيرادات للشركات ولمؤسسات الأعمال، وذلك فى حالة قيام الشركة بتطبيق أساليب نظم الإدارة البيئية التى من شأنها الحد من تناثر وإهدار المواد الخام والطاقة مما يؤدى إلى زيادة الأعباء المالية لتنفيذ خطط الإنتاج والتشغيل نتيجة تزايد الخسائر الناتجة عن الإهدار المشار إليه للموارد المتاحة.
ا. مفهوم نظام الإدارة البيئية وطبيعته وأهميته
أدت زيادة حركة التبادل التجارى بين دول العالم المختلفة إلى ضرورة إعداد معايير يكون من شأنها
تحسين نوعيات المنتجات التى يتم التعامل فيها من خلال تنفيذ عقود التبادل التجارى الخارجى المختلفة، ومن بين هذه المعايير معايير الأيزو 14000 واكتمال نظم الإدارة البيئية.
ويقصد بنظام الإدارة البيئية: مجموعة من السياسات والمفاهيم والإجراءات والالتزامات وخطط العمل والتى من شأنها منع حدوث التلوث البيئى بأنواعه وتفهم العاملين بالشركات المختلفة لذلك النظام كل فى اختصاصه، هذا بالإضافة إلى تطبيق هذه الأساليب، والإجراءات فى الواقع العملى وإعداد تقارير دورية عن نتائج ذلك التطبيق، وترجع أهمية تطبيق نظم الإدارة البيئية إلى ما يلى:
1. تُعد نظم الإدارة البيئية أداة لتطوير نظم الإنتاج والتشغيل، وبما يؤدى إلى زيادة حجم الطاقة
الإنتاجية المحققة فعلاً.
2. يعمل نظام الإدارة البيئية على منع الإسراف والضياع فى الخامات والطاقة.
3. يؤدى تطبيق نظم الإدارة البيئية إلى تحقيق فائض للشركات ومؤسسات الأعمال ينتج عن عدم حدوث إهدار فى كميات الخامات والطاقة ومستلزمات التشغيل المستخدمة فى الإنتاج.
4. منع الإصابات بأمراض أضرار تلوث البيئة الداخلية، مما يؤدى إلى تخفيض تكاليف علاج الأفراد من هذه الأمراض.
5. تحسين المراكز المالية للشركات ولمؤسسات الأعمال.
6. اكتساب المزايا التنافسية لمنتجات الشركات التى تطبق نظم الإدارة البيئية.
7. تطبيق أسلوب دورة حياة المنتج مما يؤدى إلى التحسين المستمر فى مواصفات المنتجات، وتخفيض مدخلات عوامل الإنتاج.
ب. تصميم نظم الإدارة البيئية بالشركات ومؤسسات الأعمال
يتكون نظام الإدارة البيئية من العناصر الآتية:
1. السياسة البيئية لإدارة الشركة، ويقصد بهذه السياسة الرّؤى والتطلعات الإدارية تجاه الإدارة البيئية، من أمثلة هذه السياسات البيئية: "الحد من التلوث البيئي والالتزام بالمعايير المحلية والدولية لكل من الانبعاثات البيئية وإجراءات العمل، هذا بالإضافة إلى السعى نحو تفهم العاملين بالشركة لعناصر نظام الإدارة البيئية
2. المراجعة البيئية، تقوم المراجعة البيئية على التحقق من مطابقة الانبعاثات الهوائية والمائية والمخلفات الصلبة للمعدلات وللمعايير القانونية، وأيضا تحديد كمية الانحرافات الخاصة بالانبعاثات الفعلية عن تلك المعايير.
3. اتخاذ الإجراءات البيئية الصحيحة، ويتم اتخاذ تلك الإجراءات البيئية الصحيحة فى ضوء ما تسفر عنه المراجعة البيئية من أوجه قصور فى نظام الإدارة البيئية المطبق بالشركة أو بالمؤسسة، ومن أمثلة هذه الإجراءات تخفيض معدلات تلوث الهواء أو تلوث المياه أو إعادة تدوير المخلفات الصلبة.
4. إعادة تدوير المخلفات الصلبة ويعتبر أسلوب إعادة تدوير المخلفات أسلوباً رئيسياً يتم الاعتماد عليه فى تحسين بيئة العمل الداخلية بالإضافة إلى تلافى حدوث أضرار انتشار وتراكم المخلفات الصلبة بأنواعها المختلفة،
5. سجل الحالة البيئية وتسجيل مدخلات ومخرجات التشغيل ويتم استخدام ذلك السجل لأغراض إحكام
الرقابة على عناصر المدخلات من خامات ومواد مساعدة ومواد تعبئة وتغليف ووقود، وأيضا تحقيق الرقابة على المخرجات من: إنتاج تام وإنتاج غير تام، ومخلفات صلبة، ومخلفات سائلة، ومخلفات هوائية
6. إعداد تقارير الأداء البيئى: يتم إعداد تقارير دورية توضح الأنشطة البيئية التى تم إنجازها خلال الفترة الماضية من أجل إنجاز وظيفة الرقابة والمتابعة البيئية، ويحقق إعداد هذه التقارير أهداف إدارية توضح لإدارة الشركة مستوى الأداء البيئي للشركة، كما تعتبر هذه التقارير هامة لأغراض إعلام المجتمع المحيط بالأنشطة البيئية للشركة، كما يؤدى إعداد وإصدار تلك التقارير إلى معاونة الإدارة على تحسين مستوى الأداء البيئى للشركة.
3. تقييم وقياس تكلفة وعائد نظم الإدارة البيئية
يحقق نظام الإدارة البيئية عائدا مباشر وغير مباشر للشركات التى تقوم بتطبيقه، كما يتحقق ذلك العائد لأفراد المجتمع بالبيئة المحيطة بالشركة ويقصد بالعائد المباشر ذلك العائد الذى يحصل عليه طرف معين بالذات فالتحسن الذى يطرأ على صحة الأفراد نتيجة الحد من تلوث الهواء يعتبر عائد مباشر، وحصول الشركة على إيرادات من بيع منتجات يتم تصنيعها من المخلفات الصلبة يعتبر أيضا عائد مباشر، اما العائد غير المباشر فهو العائد الذى يتحقق للمجتمع ككل نتيجة تحسن الأداء البيئي للشركات، فانخفاض درجة الحرارة فى المنطقة التى يقع فيها مصنع الشركة نتيجة زراعة مساحات خضراء، أو نتيجة إنشاء خطوط أشجار الظل ينشأ عنها حاجب للظل المخفف لحرارة الجو يحقق ما يسمى بالعائد غير المباشر لنظام الإدارة البيئية، كذلك فإن معالجة المياه الصناعية قبل صرفها على شبكة الصرف الصحى العمومية يؤدى إلى تخفيض تكلفة معالجة المياه الناتجة عن الصرف الصحى، بالإضافة إلى تخفيض تلوث المياه، وتخفيض أضرار ذلك التلوث.
4. تقييم الأثر البيئي وعلاقته بنظام الإدارة البيئية
يؤثر إنشاء المشروعات الجديدة على البيئة المحيطة وعلى البيئة الداخلية، ولقد أدى ذلك إلى إصدار تشريعات بيئية فى الدول المختلفة تلزم المستثمرين بضرورة إعداد ما يسمى "بدراسة تقييم الأثر البيئي وذلك لتحديد الآثار البيئية والاقتصادية والاجتماعية والمالية لتنفيذ مشروع استثمارى معين وتهدف دراسات تقييم الأثر البيئي إلى تحقيق التوازن بين البيئة والتنمية والتجارة وصار الإنفاق على البيئة جزءاً لا يتجزّأ من الإنفاق على الإنتاج، وعلى الأنشطة الخدمية الإنتاجية، كما أن الإنفاق على البيئة يعكس نتائج إيجابية على تشغيل المشروع الجديد ويقصد بتقييم الأثر البيئي تحديد الآثار الموجبة والآثار السالبة للمشروع الجديد أو المزمع إنشائه، أى تحديد الآثار البيئية والاقتصادية والاجتماعية لذلك المشروع وتتحدد أهداف تقييم الأثر البيئي فيما يلى:
1. الحد من التلوث البيئى الناتج عن المشروعات الجديدة.
2. تحقيق التوازن من بين البيئة والتنمية.
3 . زيادة الناتج والدخل القومي.
4 . تخفيض تكلفة العلاج الطبي والرعاية الصحية.
5 . رفع كفاءة الموارد البشرية.
6. الحفاظ على عناصر التنوع البيولوجي من نباتات، طيور وحيوانات.
7. حث الشركات على الالتزام بمعايير البيئة المحلية والدولية.
8. تحسين بيئة العمل.
9. تخفيض كميات الإهدار فى المواد والخامات والطاقة.
10 . تشجيع المصانع على إعادة تدوير المخلفات الصلبة.
11 . زيادة الوعى البيئي لدى أفراد المجتمع.
ه. الطاقة والتنمية المستدامة
تعد الطاقة من العناصر الهامة لتحقيق التنمية المستدامة، إذ تشكل إمداداتها عاملاً أساسيًا في دفع عجلة الإنتاج وتحقيق الإستقرار والنمو، مما يوفر فرص العمل ويعمل على تحسين مستويات المعيشة والحد من الفقر؛ ومن اهم التحديات العالمية التي تواجه القضايا الرئيسية المتعلقة بمجال الطاقة والبيئة ما يلي:
• توفير الطاقة لتعزيز النمو الاقتصادي والاجتماعي.
• تغيير أنماط الإنتاج والاستهلاك غير المستدامة والتي تتسبب في إهدار الموارد الطبيعية وحدوث التلوث الذي يهدد البيئة.
• الحد من التأثيرات السلبية لاستخدامات الطاقة على الغلاف الجوي.
• تحقيق العدالة بين سكان الريف والحضر في إمدادهم بالطاقة.
• توفير مصادر بديلة للطاقة يمكن الإعتماد عليها.
ان تعزيز برامج الطاقة بغرض إنتشارها بشكل مقبول اجتماعياً وبيئياً يتطلب تنويع مصادر الطاقة مع مراعاة الحفاظ على البيئة وزيادة إمداداتها للمناطق المختلفة من اجل بلوغ المعايير القياسية لاستخدام الطاقة وترشيدها، ورفع الوعى بأهمية الترشيد لدى مستهلكي الطاقة الكهربائية، والحد من غازات الاحتباس الحراري، وبشكل اشمل الحد من التأثيرات البيئية من قطاع الطاقة على البيئة من خلال:
• تقييم التأثيرات البيئية كأساس لدراسات الجدوى الفنية والاقتصادية لمشروعات إنشاء محطات توليد الكهرباء الجديدة، وتوفيق الأوضاع البيئية بمحطات التوليد القديمة.
• تطبيق برامج مراقبة جودة الهواء والمياه، وتوفيرإمكانيات معالجة مياه الصرف الصناعي بمحطات التوليد.
• تطبيق تكنولوجيا الهندسة الحديثة لتطوير نظم حرق الوقود بمحطات توليد الكهرباء القائمة، وتعميم استخدام المحارق منخفضة تكوين اكاسيد النيتروجين.
كما يجب ان يتم الاهتمام بالطاقات الجديدة والمتجددة مثل طاقة الرياح، والطاقة الشمسية، والطاقة المائية وغيرها فللطاقة دور كبير في الحد من الفقر وزيادة معدلات النمو الاقتصادي وتحسين نوعية المعيشة، وأن العمل على تطوير انتاجها بالتكنولوجيات النظيفة والاقتصادية سوف يؤدى الى تحقيق التنمية المستدامة
و. الإنتاج والتصنيع النظيف
هو التطبيق المستمر للاستراتيجيات البيئية للوقاية المتكاملة المطبّقة على العمليات والإنتاج والخدمات لزيادة الكفاءة بشكل عام والتقليل من الأخطار على البشرية والبيئة، ففيما يتعلق بعمليات الإنتاج، يشمل الإنتاج النظيف الحفاظ على المواد الأولية والطاقة والتقليل من المواد الأولية السامّة ونقص كمية وسميّة الانبعاثات والنفايات، وفيما يتعلق بالمنتجات، فتهدف هذه الاستراتيجية إلى تخفيض الآثار السلبية خلال دورة حياة المنتَج، بدءاً من استخلاص المواد الأولية وحتى التخلص منها نهائياً، أما فيما يتعلق بالخدمات، فيشمل ذلك دمج الاهتمامات البيئية في تصميم وتقديم الخدمات ويستلزم الإنتاج النظيف تغيير المواقف ومسؤولية إدارة البيئة وتقويم الخيارات التقنية.
ويهدف الإنتاج النظيف إلى تخفيف الأثار السلبية على البيئة من خلال تحسين العمليات الإنتاجية إبتدءاً من إستخراج المواد الخام مروراً بتصنيعها وتغليفها وتوزيعها وإستخدامها أو تدويرها والحرص في كل تلك المراحل على جودة المنتج وخفض التكلفة وسلامة الإنسان والبيئة.
وتعد الصناعات القائمة على نفايات الإنتاج والاستهلاك اﻟﻤﺨتلفة مثل جمع النفايات الورقية والبلاستيكية والمعدنية وإعادة تصنيعها وإعادة تدوير النفايات الصناعية وإدخالها في صناعات آخرى والإستفادة من اﻟﻤﺨلفات الغذائية في إنتاج الأعلاف أحد أهم وسائل الإنتاج النظيف، ويؤدي الإنتاج النظيف إلى التكامل بين الصناعات اﻟﻤﺨتلفة وإستفادة بعضها من البعض الآخر، مما يساعد في ترشيد الموارد وحماية البيئة والمحافظة على التربة والمياه السطحية والجوفية من التلوث وهذا بدوره يؤدي إلى تنمية مستدامه تتمكن من خلالها الأجيال القادمة من العيش في بيئة آمنة وصحية.
إن استراتيجية الإنتاج الأنظف تعد من أحدث ما توصل إليه الفكر البيئي في العقدين الأخيرين، وتمتد هذه الاستراتيجية من خفض استهلاك الموارد البيئية خفضاً ملموساً، إلى تجنب استخدام مواد خطرة عالية السمية أو ضارة بالبيئة ما أمكن ذلك، ورفع كفاءة تصميم المنتجات وطرق إنتاجها لتحقيق هذين الهدفين، ثم الحد من الانبعاثات والتصريفات والمخلفات أثناء عملية الإنتاج وتدوير المخلفات، ولقد أحدثت تكنولوجيا النانو تقدم هائل في تكنولوجيا الإنتاج الأنظف ممثلة في تخفيض النفايات الصناعية ومن ثم التخلص من التلوث الصناعى وتحسين كفاءة استخدام الموارد الاقتصادية المتاحة حتى تصل إلى حد النظر في منظومة القيم الاجتماعية التي نشأ عنها الطلب على المنتجات أو الخدمات، ومن خلال تبنى مفهوم الإنتاج الأنظف بديلاً أمثل للحل التقليدى لتجنب الملوثات البيئية الناتجة عن المصانع، وهناك عاملان رئيسيان يمثلان ميزة لكثير من الدول النامية، الأول هو أن كثير من الأصول الصناعية فى هذه الدول ذات تقنيات تقليدية قديمة، وتمثل عملية إستبدالها أو تحديثها فرصة لتبني أساليب الإنتاج الأنظف، والثاني أن هذا التحديث يتم فى الوقت الذى تمت فيه بالفعل خطوات ملموسة فى مفاهيم الإنتاج الأنظف والتطوير العملى لتكنولوجيا النانو فى الدول الأكثر تقدماً والنامية بالقدر الذى يُمكن من المساهمة فى تطوير مستوى الأداء للصناعة العالمية وتطبيق منهج الإنتاج الأنظف فى الصناعات المختلفة التحويلية والاستخراجية وتحقيق الهدفين الخاصين بتحديث الصناعة من جانب والتنمية المستدامة من جانب أخر.
مؤشرات التنمية المستدامة
تنبع أهمية المؤشرات من كونها المقياس الاسهل للتغير الذي يحصل على ظاهرة معينة عبر الزمن، كما أنها تستخدم لمقارنة الظواهر بين المناطق الجغرافية المختلفة، وتستخدم لتقييم جزء من أداء المنظومة التي ترتبط بعلاقة معها، وتوفر الدليل على حدوث ظرف معين أو مدى تحقق هدف معين، بحيث يعطي القدرة لمتخذي القرار لتقييم التقدم باتجاه تحقيق الهدف، ويجري تطوير المؤشرات بناء على مقاييس إحصائية مع إجراء بعض التبسيطات عليها لتكون أسهل مقارنة بالبيانات الأصلية، وتحمل المؤشرات معان اشمل من خصائصها وقيمها المباشرة، وتعتبر المؤشرات نموذجا اقرب للواقع ولكن ليس الواقع بحد ذاته، حيث أن المؤشر يحكم على أداء جزء من المنظومة أما الحكم على الأداء الكلي للمنظومة فيحتاج إلى مجموعة من المؤشرات التي لها علاقة بهذه المنظومة.
ولا يوجد مؤشر مثالي للتنمية المستدامة، ولكن تتوفر مؤشرات ذات علامة مميزة، تتعلق بقضايا المجتمع الحساسة، والتي بدورها تساعد على فهم درجات التطور أفضل من المؤشرات الاعتيادية.
1) الاهتمام بإدارة المصادر الطبيعية، هو العمود الفقري للتنمية المستدامة حيث أن كل تحركاتنا وبصورة رئيسية تركز على كمية ونوعية المصادر الطبيعية على الكرة الأرضية، وعامل الاستنزاف البيئي هو أحد العوامل التي تتعارض مع التنمية المستدامة لذلك نحن بحاجة إلى معرفة علمية لإدارة المصادر الطبيعية لسنوات قادمة عديدة من أجل الحصول على طرق منهجية مترابطة مع إدارة نظام البيئة، مثل اتباع سبل علمية وخطط مبرمجة لتحسين الطرق الزراعية وبالتالي الحصول على منتج صحي وغني بالقيم الغذائية، بالإضافة إلى مراعاة استهلاك مصادر المياه المختلفة حسب فترات زمنية محددة، والحفاظ على الغابات من الرعي الجائر وقطع الأشجار لما للغابات من تأثير مهم في تلطيف الجو وتخفيف الآثار السلبية الناتجة من غاز أول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكربون من حيث التلوث وارتفاع درجات الحرارة وتدمير طبقة الأوزون، كما يجب تبني برامج للاستخدام الأمثل لكمية المياه، الطاقة، المعادن الطبيعية، الفوسفات والبوتاس، الطيور والزواحف النادرة بالإضافة للإنتاج الحيواني والنباتي.
2) النواحي الاجتماعية، وذلك عن طريق الاهتمام بالمواطنين من حيث التزايد السكاني، المواليد والوفيات، اتباع الوسائل الصحية السليمة، لبناء مجتمع قوي متين، دراسة أسباب الفقر، وزيادة فرص العمل لأفراد المجتمع، بالإضافة إلى زيادة الاهتمام بالمرأة والأطفال.
3) الاقتصاد، يجب أن يكون موضوع التنمية المستدامة عامل مهم ومشجع لرفع مستوى الإنتاج على جميع الأصعدة، وعليه يجب رفع سوية المهارات المختلفة ويجب تشجيع الفرص التي تتيح للتنمية المستدامة، وتحديد طبيعة الصناعات التي تتلاءم مع توفير بيئة نظيفة وحياة اجتماعية أفضل، ولقد اهتمت دول العالم فى الآونة الأخيرة باستخراج مجموعة من المؤشرات التى تؤكد تحقق التنمية المتواصلة او المستدامة بقطاعات الدولة الاقتصادية والخدمية من عدمه، وتتعدد مؤشرات التنمية المستدامة وتتنوع تبعا لطبيعة أنشطة القطاعات التى يتم استخراج مؤشرات التنمية المستدامة لها وقد تضمنت بعض ادلة المؤشرات 130 مؤشرا خاصا بالتنمية، وشملت اخرى 70 مؤشراً ويمكن اعتبار اهم مواضيع مؤشرات التنمية المستدامة هي:
1. المياه.
2. الأراضي.
3. الغابات.
4. الساحل.
5. النظام الحيوي.
6. المبيدات الحشرية.
7. استخدامات الأراضي.
8. المسطحات المائية.
9. التنوع الحيوي.
10. النفايات الصلبة.
11. الانبعاثات.
المؤشرات البيئية لشعبة الاحصاء في الامم المتحدة
تتبنى شعبة الاحصاء في الامم المتحدة المؤشرات الواردة في الاجندة 21 والتي تشمل عدة مواضيع خاصة بالمؤشرات البيئية ومنها:
-1. الهواء والمناخ.
-2. الأرض والتربة.
3. المياه.
4. النفايات.
مما تقدم يلاحظ أن جميع المصادر تربط المؤشرات البيئية بموضوع التنمية المستدامة أكثر من ربط موضوع المؤشرات البيئية بموضوع الإحصاءات البيئية لذا توجد صعوبة في الحصول على البيانات اللازمة لاعداد تلك المؤشرات، كما يلاحظ أن جزء كبير من هذه المؤشرات سهل فهمه من قبل المختصين ولكن من الصعب على متخذي القرار فهم تلك المؤشرات، كما يلاحظ ان جميع المؤشرات هي مؤشرات تتعلق بالوضع القائم ولا يوجد مؤشرات متخصصة بالأداء البيئي، وفيما يلي مجموعة من المؤشرات الأساسية للتنمية المستدامة:
(أولاً) المؤشرات الاقتصادية
1. نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.
2. حصة الاستثمار الثابت الإجمالي في الناتج المحلي الإجمالي.
3. نسبة الصادرات من السلع والخدمات الى الواردات من السلع والخدمات.
4. مجموع المساعدة الإنمائية الرسمية المقدمة او المتلقاة.
5. معدل الدين الخارجي نسبة للناتج المحلي الإجمالي.
(ثانياً) المؤشرات الاجتماعية
1. معدل البطالة.
2. معدل النمو السكاني.
3. معدل الامية، والإلمام بالقراءة والكتابة بين البالغين.
4. معدل التعليم والالتحاق بالمدارس.
5. نسبة السكان في المناطق الحضرية.
6. حماية صحة الانسان وتعزيزها.
(ثالثاً) المؤشرات البيئية
1. نصيب الفرد من الأراضي الزراعية.
2. التغير في مساحة الغابات والاراضي الحرجية.
3. معدل التصحر وازالة الغابات.
(رابعاً) المؤشرات المؤسسية
1. الحصول على المعلومات.
2. عدد العلماء والمهندسين العاملين في البحث والتطوير لكل مليون نسمة.
3. الانفاق على البحث والتطوير كنسبة مئوية من الناتج القومي الإجمالي.
تطبيق نظم كافية لصون الموارد الطبيعية والبيئية البيولوجية
وتشمل هذه النظم إجراء تحليلات دائمة للمياه وللخامات الزراعية، ولنوعيات الأعلاف السمكية والحيوانية المستخدمة لأغراض النمو والتغذية، وذلك للتأكد من خلوها من العناصر الضارة بالبيئة النباتية وبالبيئة الحيوانية كما يعتبر الإنتاج المتوازن من عناصر التنوع البيولوجي والذى يعتمد على سياسة "الاستهلاك مقابل أضعاف حجم الإنتاج، بمعنى أن يترتب على الاستهلاك الخاص بالموارد الطبيعية والبيولوجية أن تزيد كمية الرصيد المتاح من الموارد البيولوجية بعد الاستهلاك عن رصيدها قبل الاستهلاك حتى تتحقق التنمية المستدامة.
الاهتمام الدولي بالبيئة وتبني التنمية المستدامة
يعتبر مؤتمر الحكومات حول البيئة الإنسانية الذي انعقد في مدينة ستوكهولم في عام 1972م بداية اهتمام حكومات العالم بهذا الموضوع حيث تمخض عنه وثيقتان هما: إعلان ستوكهولم للمبادئ البيئية الأساسية التي ينبغي أن تحكم السياسة، وخطة عمل مفصلة فضلا عن إنشاء برنامج الأمم المتحدة البيئي كأول وكالة بيئية دولية.
وتبرز أهمية مؤتمر استوكهولم في أنه حدد علاقة مشتركة بين استنزاف الموارد بهدف التنمية وحماية البيئة، وهي علاقة تم تبنيها لاحقا في استراتيجية الحماية البيئية الدولية التي بلورت ولأول مرة مفهوم التنمية المستدامة، عندما أكدت على أنه لكي تكون التنمية مستدامة فلابد أن تأخذ في الحسبان العوامل الاجتماعية والبيئية فضلا عن الاقتصادية
وتكمن أهمية أول قمة للأرض في ريو دي جانيرو في أنها قد وضعت حجر الأساس لرؤية عالمية جديدة عن البيئة محولة الأجندة الكونية إلى التنمية المستدامة من خلال إثارة اهتمام الرأي العام العالمي بالعلاقة المتبادلة بين الأبعاد البيئية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية للتنمية، كما مهدت الطريق أمام مفهوم التنمية المستدامة لاختراق الخطاب الاقتصادي والسياسي، ففي تلك القمة ألزم المجتمع الدولي نفسه بمفهوم التنمية المستدامة وقام بالفعل بصياغة قانون دولي بيئي، في مجال التنمية المستدامة، كما تنعكس الخطوط العريضة لطبيعة ومحتوى القانون الدولي في مجال التنمية المستدامة بشكل واضح في اتفاقيتين تم تبنيهما في مؤتمر الأمم المتحدة عن البيئة والتنمية، وهما اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول التغير المناخي واتفاقية التنوع البيئي اللتان تمثلان أدوات قانونية دولية لمعالجة المسائل الاقتصادية والبيئية بأسلوب متكامل.
ومع أن مفهوم التنمية المستدامة كان يمثل المحور الأساس للنقاش في قمة الأرض الثانية حول التنمية المستدامة التي انعقدت في جوهانسبرج في أغسطس من عام 2002م وحضرها ممثلون لأكثر من 160 بلدا، بهدف إزالة التناقضات بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة فضلاً عن تطوير مزيد من الاتفاقيات في مجال التنمية المستدامة، إلا أن التوقعات منها كانت، وبعكس قمة ريو التي عقدت في 1992م، أقل من المتوقع ثم جاءت النتائج مخيبة للآمال، حيث لم يقتصر الإخفاق على الفشل في التوفيق بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة بل تجاوزه إلى تأكيد عدد كبير من الدول المشاركة، صراحة أو ضمنا، باستحالة تجنب حدوث المزيد من التدهور في الأنساق البيئية للأرض والماء وارتفاع مستويات انبعاث الغازات الدفئية والاستغلال المفرط للموارد الطبيعية، وكانت النتائج تزايد وتيرة التدهور البيئي الكوني فضلاً عن تزايد معدلات الفقر وتفاقم حال فقراء العالم والتي تشير جميعها إلى حالة ركود في ممارسة أنماط إنتاجية واستهلاكية مستدامة.