ا.د. احتيوش فرج احتيوش
المقدمة
إن حاجة الناس إلى التطبيب، هي حاجة ملحة، وحرمة النفس البشرية تجعل هذه الحاجة بمنزلة الضرورة، ولما كان التطبيب فناً يُترك فيه للمداوي فسحة كبيرة للاجتهاد فيما ليس للمعالج رأي فيه، بخلاف المهن الأخرى، ولما كانت مادة هذه المهنة الإنسان وكانت المحافظة على سلامته مقصداً شرعياً أساسياً، وكان لا بد من وضع ضوابط وحدود تجعل من يقومون بهذه المهنة، يبذلون قصارى جهودهم لتحقيق أعلى مستوى من الخدمة والعلاج لهذا الكائن المكرم، الواقع تحت رحمة أيديهم وعقولهم
وفي أواخر القرن الرابع عشر الهجري أصبح الاهتمام بالاعتبارات الأخلاقية كبيرا، وهذا يعود بشكل رئيسي الى التطور الكبير في التكنولوجيا الطبية والذي نتجت عنه مشكلات -مثل التلقيح الصناعي، زراعة الاعضاء وغيرها- ذات أبعاد أخلاقية، كانت الشريعة الإسلامية التي تعتمد على نظام كامل من الأخلاقيات؛ قادرة على التعامل مع كل المشكلات الطبية الأخلاقية من وجهة نظر قانونية وشرعية، وتعد الأخلاق بشكل عام نوعاً من الأنماط السلوكية النسبية التى تختلف من مجتمع إلى آخر، لذا يمكن القول أنه لا توجد أحكام أخلاقية ثابتة وما هى إلا مشاعر ومواقف شخصية تقف وراء الأحكام التى تصدر فى زمن ما، وقد حاول الإنسان منذ نشأة الحضارات أن يضع قوانين تحدد الممارسات الطبية، وهذه الضوابط والحدود التي تبين ما يقع على الطبيب من مسؤوليات سواء أكانت عقدية سبب وجودها عقد التطبيب بين الطبيب والمريض، أم تقصيرية أو جنائية، تتمثل في ضمان ما أتلفه الطبيب نتيجة تقصيره أو تعديه أثناء تأديته واجب العلاج في عقد التطبيب، ومدى التزام الطبيب بهذا الععقد والشروط الواجب توفرها في الطبيب فبل مباشرة المهنة. ولكن هذا التضمين ليس على إطلاقه وليس الطبيب هو المقصر دائماً فقد يكون الطبيب لا ذنب له في ما حصل من تلف لجسم المريض لأن الطب لا يشبه علم الرياضيات، بل هناك نسبة من الارتياب فيه، تجعل نتيجة العلاج ليست حتمية للسبب بل محتملة الأمر الذي سبب اختلافاً متفاوتاً بين العلماء في تضمين الطبيب، ما أتلف أثناء علاجه للمريض
اسس أخلاقيات وآداب مهنة الطب
حاول الإنسان منذ نشأة الحضارات أن يضع قوانين تحدد الممارسات الطبية ففى شريعة حمورابى فى بابل 2100 ق.م. كان المعالج يعد مسئولاً عن مريضه، وكانت الأجور يراعى فيها الحالة الاقتصادية للمريض، بحيث يدفع الفقير أقل قيمة مما يدفعه الغنى، ورغم زوال هذه القواعد بزوال الحضارات التى تمثلها، فقد استمرت بعض هذه القواعد حتى عصرنا الراهن بعد المرحلة الذهبية للعصر اليونانى الذى وضع فيها أبو قراط قسمه الشهير وهو قسم وضع لتحديد سلوك الطبيب وأخلاقياته، ثم ظهرت أطر أخلاقيات جديدة وضعها الأطباء بأنفسهم، ولكنها ظلت مثالية ومحافظة على الإطار الدينى، وكانت لا تهتم كثيراً بعلاقة الطبيب بالمريض بقدر اهتمامها بالمحافظة على قواعد السلوك التى يتطلبها منهم المجتمع.. ومع ظهور تطورات العلمانية تبدلت الصورة العامة للإنسان وبدأ تدخل الدولة الحديثة شيئاً فشيئاً فى مجالات الخدمة الصحية، وأصبح الطبيب مسئولاً أمامها، كما برزت أفكار حقوق الإنسان وحق المريض فى العلاج الذى تقدمه الدولة
الأخلاق مطلب أساسي لأي مهنة ولقد أكدت كل النظم القديمة إلى حدّ ما على هذا المطلب، ولقد إستنبط الغربيون النُظم الأخلاقية الطبية من قَسَمْ أبقراط القديم ومن مبادئ الشرف النبيلة، ولقد دونت معايير السلوك المهني في أواخر القرن السابع عشر، وتبنتها الجمعيات الطبية رسمياً في بدايات القرن التاسع عشر، واعتمدت الأخلاق المهنية الإسلامية على الأسس والمبادئ الأخلاقية التي نصَّ عليها القرآن الكريم، والتي تُشكل بدورها نموذجا أخلاقياً لكل الأجناس البشرية، وكلِّ المهن وفي كلِّ زمن
الأخلاقيات فى الطب نجدها فى صيغ القسم الطبى المتداولة، وفى الدساتير والمواثيق المهنية والبحوث الطبية، ولا تحول الحدود الجغرافية دون تطبيق أخلاقيات الطب فى أى مكان، وفيما يلي ملخص للمصادر التي انبثقت عنها أخلاقيات مهنة الطب عبر التاريخ
شريعة حمورابى فى بابل 2100 ق.م
من اقدم اسس آداب التطبيب وكان من ضمن ما احتوته ان المعالج يعد مسئولاً عن مريضه، وكانت الأجور يراعى فيها الحالة الاقتصادية للمريض. بحيث يدفع الفقير أقل قيمة مما يدفعه الغنى
قسَم أبوقرااط 400 ق.م
أسس أبوقراط الُملقب بأبي الطب مدرسة طبية في اليونان وطور القسَمْ الطبي الأخلاقي المعروف بقَسَمْ أبقراط ويشكل قَسَمْ أبقراط أساساً اعتمد عليه قسم مهنة الطب الحديثة والتي يؤديه الخريجون عند بداية ممارستهم لمهنهم
وعلى نحو ما ورد في "مرجع آلاداب المهنية" الذي أصدره الاتحاد البريطاني للطب عام 1981 فإن نص القسم كالتالي: "اقسم.. على الوفاء بهذا اليمين حسب قدرتي وحكمي على الأشياء.. تبليغ ونشر المعارف الخاصة بهذه المهنة بإسداء المشورة وإلقاء المحاضرات وكل طريقة أخرى للتعليم إلى أولئك الذين ارتبطوا بالقسم وفقا لقانون الطب ولكن ليس لأحد غيرهم.. وسوف أتبع نظام التغذية الذي أعتقده وفقا لقدرتي ومدى حكمي على الأشياء ذا منفعة لمرضاي وأمتنع عن كل شيء ضار أو مؤذ لهم.. ولن أعطي دواء مميتا لأي شخص إذا طلب مني ذلك ولن أشير أيضا بمثل هذه المشورة.. وسأحفظ نفسي قي معيشتي وفي ممارسة مهنتي على الطهارة وعفة النفس.. وأينما حللت توخيت منفعة المريض وسأمتنع عن أي فعل إرادي يستهدف الأذى أو الفساد.. وأي شيء أراه أو أسمعه في حياة الناس مما له صلة بممارسة مهنتي أو لا صلة له بها فلن أتحدث عنه في الخارج ولن أبوح به على اعتبار أن جميع ذلك يجب أن يبقى سرا.. ومادمت حافظا لهذا القسم غير حانث به فليكتب لي التمتع بالحياة وممارسة مهنتي وكسب تبجيل جميع الناس وفي كل الأزمنة أما إذا انتهكت أو حنثت فليكن العكس هو جزائي
دستور توماس بيرسيفال 1740م-1804م
أسس هذا الطبيب الإنكليزي دستوراً للأخلاقيات الطبية خاصاً بالأطباء عام 1794م، وكان هذا أول دستور أخلاقي يُعتمد من قبل هيئة مهنية ليحل مكان الأخلاقيات المهنية القديمة والمفسرة بطرق مختلفة، وهكذا فقد وفر هذا الدستور معياراً للسلوكيات يتبعه مزاولو المهن الطبية
الدستور الأخلاقي للجمعية الطبية الأمريكية 1846م
تتضمن نسخة عام 1980م من الدستور الأخلاقي للجمعية الطبية الأمريكية سبعة بنود، بينما تتضمن النسخة المُطورة لعام 2001م تسعة بنود، ويؤكد البندان الإضافيان في النسخة المعدلة الحالية على مسؤولية الأطباء، ويدعم الانتشار العالمي للرعاية الطبية. ويتضمن دستور الجمعية الأخلاقي المقومات التالية:
احترام القانون
احترام حقوق المرضى
احترام حقوق الزملاء
احترام خصوصية المريض وسرية المعلومات الخاصة به
الكفاءة، والتفاني والمحبة
الصدق وواجب التبليغ عن أي خداع أو كذب
التعليم المستمر ،والدراسة، واستشارة الآخرين في المهنة
الحرية في مزاولة المهنة
المسؤولية في بذل الجهود لتحسين المستوى الصحي للمجتمع
إعلان جنيف 1948م
أقرَّت الجمعيات الطبية العالمية هذا الاعلان. والمقومات الأساسية لهذا الاعلان تتلخص فيما يلي:
خدمة الإنسانية
الاحترام والعرفان بالجميل للأساتذة
ممارسة المهنة بضميرونبل
الاحساس بواجب الاهتمام بصحة المريض والزملاء وتقاليد المهنة
ممارسة المهنة بما ينسجم مع القوانين الانسانية
احترام الحياة الانسانية بما فيها حياة الجنين
الواجب المهني يتقدم على العرق والدين والسياسة أوالتمييز الاجتماعي
إعلان هيلسنكي 1964م
نُشر هذا الإعلان لأول مرة عام 1964م، ولقد تمت مراجعة هذا الإعلان عدة مرات منذ إصداره، وأُصدِرت آخر نسخة مراجعة منه عام 2000م ولقد نصت على المبادئ التالية
خير ومنفعة الإنسانية مقدم على الاهتمام بالعلم والمجتمع
يجب أن يعمل الطبيب فقط لما ينفع المريض، وأن تكون صحة المريض في مقدمة إهتماماته
مقاصد الشريعة الاسلامية في الطب
المقصد الأول: حفظ الدين: وهذا المقصد يخص الصحة الجسدية والعقلية؛ فحفظ الدين يتضمن حفظ العبادات، وبالتالي فإن العلاج الطبي يسهم مباشرة في حفظ العبادات عن طريق الحفاظ على الصحة الجيدة، مما يعطي العابد الطاقة الجسدية والعقلية اللازمة للقيام بمسئوليات العبادات. والعبادات الأساسية التي تعتمد على الطاقة الجسدية هي الصلاة، والصوم، والحج. فالجسد الضعيف لا يتمكن من أداء هذه العبادات على أكمل وجه. وكذلك الصحة المتوازنة ضرورية لفهم العقائد ودرء الفهم الخاطئ للقواعد بل لقد قال بعض العلماء بان حقظ الابدان مسبق على حفظ الاديان
المقصد الثاني: حفظ النفس: وهذا هو المقصد الأساسي للطب، والطب لا يمنع أو يؤجل الموت؛ لأن الموت بيد الله وحده، لكن الطب يحاول المحافظة على جودة عالية للحياة حتى ميقات الموت، وهذا بالحفاظ على الوظائف الجسدية
المقصد الثالث: حفظ النسل: ويساهم الطب في حفظ النسل عن طريق التأكد من العناية الجيدة بالأطفال حتى يصبحوا أفرادا أصحاء في المجتمع يمكنهم تقديم نسل جديد ذي صحة جيدة، وعلاج عقم الذكور والإناث يضمن تكاثرا ناجحا، والعناية بالسيدات الحوامل والعناية بالأطفال في مرحلة ما قبل الولادة كل هذا يضمن أطفالا أصحاء يكبرون في صحة جيدة، وكذلك علاج بعض الامراض التي قد تول دون الحمل مثل امراض الفشل العضوي
المقصد الرابع: حفظ العقل: يلعب الطب دورا في حفظ العقل عن طريق علاج الأمراض الجسدية حيث إن علاج الجسد من آلامه يزيح الضغط العصبي الذي يؤثر على الحالة العقلية. وكذلك علاج الحالات النفسية لحفظ الوظائف العقلية، وأيضا علاج إدمان الكحوليات والمخدرات لمنع تدهور الحالة العقلية للإنسان
المقصد الخامس: حفظ المال: يساهم الطب في حفظ المال، حيث إن أموال أي مجتمع تعتمد على الأنشطة المنتجة التي يقوم بها المواطنون الأصحاء، وبالتالي فإن المحافظة على صحة الأجيال وعلاج أي أمراض يضمن الحفاظ على الأموال. ونجد المجتمعات ذات الصحة العامة المتدنية أقل إنتاجا من المجتمعات ذات الصحة العامة الجيدة
وقد يحدث تضارب بين مبادئ حفظ النفس وحفظ المال في علاج الحالات التي تعاني من أمراض مميتة، حيث إن الأموال التي تنفق على علاج هذه الحالات يمكن استخدامها لعلاج حالات أخرى من المتوقع شفاؤها. وحل مثل هذا التناقض يكون بالرجوع إلى قواعد الشريعة
قواعد الشريعة
قاعدة القصد: يندرج تحت هذه القاعدة العديد من القواعد الفرعية التي تطبق على ممارسة الطب، مثل القاعدة الفرعية القائلة: الأمور بمقاصدها، وهي تدعو لأن يرجع الطبيب إلى ضميره، ومثل القاعدة الفرعية القائلة: مقاصد ومعانٍ لا ألفاظ ومبانٍ، وهذه القواعد التي لها حكم المقاصد تقول أيضا: إنه يجب عدم إنجاز أي مقصد طبي بطرق غير أخلاقية.
قاعدة اليقين: لم يصل الطب بعد في مجالي التشخيص وتحديد العلاج المناسب إلى درجة اليقين التام التي يطلبها الشرع، فالطب يعمل الآن عند مستوى (الظن الغالب). ولا يمكن أن يسير العمل في المجال الطبي عند مستوى الظن أو الشك. وفي نفس الوقت لا يوجد في الطب مواقف لا يوجد بها شك أو تردد، أي أن اليقين التام غير موجود في الطب. وفي حالة (الظن الغالب) يكون هناك دليل لأحد الاحتمالات ولا يوجد دليل للآخر، لكن في حالة الظن يكون هناك ميل لأحد الاحتمالات لكن دون أي دليل كافٍ، أما في حالة الشك فالدليل للاحتمالين متساو، ومن هنا فإن العلاجات التجريبية تستخدم دون التأكد من النتيجة، وكذلك يتم علاج الأعراض دون معرفة ودون علاج السبب المرضي، فكل شيء في الطب احتمالي ونسبي، وطبقا لقاعدة اليقين فإن كل الإجراءات الطبية مسموح بها إلا إذا وجد دليل وإثبات على ضرورة منعها، أي أن الأصل في الأشياء الإباحة.
قاعدة الضرر: تقول هذه القاعدة: إن الضرر يُزال، علما بأنه يجب على الطبيب أصلا ألا يسبب ضررا خلال عمله طبقا للقاعدة القائلة: لا ضرر ولا ضرار، والضرر يدفع بقدر الإمكان، والضرر لا يكون قديما إلا إذا وجد دليل على ذلك، وبالتالي تجب إزالته، وكذلك الضرر لا يزال بمثله، وبالتالي فإنه لا يُستخدم علاج لإزالة ضرر ويكون لهذا العلاج أثر جانبي في نفس حجم الضرر المستخدم لإزالته. وكذلك قاعدة درء المفاسد أولى من جلب المنافع تستخدم عندما يكون التدخل الطبي المقترح له آثار جانبية، لكنه ضروري لدرء مفسدة لها نفس قيمة المنفعة، لكن إذا كانت المنفعة أهم بكثير من المفسدة فهنا يرجح السعي وراء المنفعة، وإذا واجه الأطباء موقفين ضارين؛ فالشريعة هنا تقول باختيار أهون الشرين، وكذلك الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف، وأيضا المصالح العامة مقدمة على المصالح الخاصة، وكذلك يُحتمل الضرر الأخص من أجل دفع الضرر الأعم، فعند وجود أمراض معدية تنتقل بالاتصال قد تؤدي إلى نقل المرض فمن حق الحكومات أن تحد من حركة المواطنين أو حتى تدمر أملاكهم.
قاعدة المشقات: وهذه القاعدة تقول: إن الضرورات تبيح المحظورات، وتعرّف المشقات بأنها: أي حالة تتلف جديا الصحة الجسدية أو العقلية إذا لم يتم حلها فورا، وهنا فإن المشقات تجلب التيسير، وهذا متوافق مع المبادئ العامة للإسلام من حيث كونه دين يسر، فالدين يسر ولن يشادّ الدينَ أحدٌ إلا غلبه. وفيما يخص تطبيق قاعدة المشقات فإنها محدودة بمقصد الشريعة، فالضرورات تقدر بقدرها، وكذلك فإن تطبيق قاعدة المشقات يكون لفترة محدودة، أي فترة مؤقتة وليست دائمة، وذلك للحفاظ على حق المريض، أي أن الاضطرار لا يبطل حق الغير، وينتهي العمل بقاعدة المشقات بانتهاء الضرورة التي دعت إلى اللجوء إليها، أي أن ما جاز بعذر يبطل بزواله، ويمكن التعبير عن ذلك أيضا بالقول: إذا زال المانع عاد الممنوع. وأيضا لا يجوز طلب فعل أي شيء حرام من شخص آخر، أي أن ما حرُم فعله حرُم طلبه.
قاعدة العرف: وهذه القاعدة تقول إن العادات محكمات، وما يمكن اعتباره من العرف هو ما يغلب، تبعا للقول: (إنما تعتبر العادات إذا اطردت وغَلبت)، وكذلك العبرة بالغالب الشائع لا النادر. وكذلك يجب أن يكون العرف قديما وليس ظاهرة حديثة حتى يعطي الفرصة للإجماع الطبي للحكم عليه، وعلى الرغم من الاختلافات بين الناس وتباين ثقافاتهم إلا أنهم جميعاً متفقون على قيم وأخلاقيات معينة أهمها كرامة الإنسان والتى تمثل قيمة لا تقبل المساومة، وتعتبر القيم الدينية والعقائدية والثقافية هى المصادر الرئيسية للمبادئ الأخلاقية، والدارس للأديان السماوية الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام يجد أنها تدعو إلى مبادئ أخلاقية متماثلة، وهى المنبع الرئيسى لأخلاقيات المهن الطبية فى بقاع كثيرة من العالم، ومن المبادئ التى تتوافق الآراء عليها بوجه عام وان اختلفت فى بعض تفاصيلها من ثقافة إلى أخرى المبادئ التالية
إن حياة الإنسان وكرامته يجب أن تحظى بالاحترام، وله الحق فى أن تصان أسراره
أن حق الإنسان فى الاختيار سواء بالقبول أو الرفض يدخل ضمن احترام كرامة الإنسان
أن جلب المنفعة ودرء الضرر مبدآن متكاملان يفرضان على الطبيب بذل كل ما بوسعه لتحقيق كل ما هو فى مصلحة المريض وإبعاد الضرر عنه
أن العدل يقتضى المساواة بين الناس فى المعاملة والمساواة فى تحمل المسئوليات وحتى المنافع والتعويض عن الأضرار
(Integrity) أن تكامل الإنسان هام لضمان نوعية جيدة للحياة
(Vulnerable) أن واجب الأطباء هو حماية الضعفاء وغير القادرين على اتخاذ القرار
تاريخ آداب مهنة الطب
عند قدماء المصريين
عرف قدماء المصريين آداب مهنة الطب فسجلوا ذلك في كتب لها من القدسية ما جعلهم يحملونها مكرمة في الأعياد العامة والمشرع المصري لم يهمل حماية الجمهور من الأطباء وفي ذلك يقول "ديودور الصقلي" "إن المصريين كانوا يعالجون الأمراض طبقا للقواعد المقررة التي وضعها كبار الأطباء" ودونوها في السفر المقدس. وكان على الطبيب أن يسير بمقتضاها، وعند ذلك لا يتعرض للمسئولية حتى لو مات المريض، أما إذا خالفها فإنه يعاقب بالإعدام لأن المشرع كان يرى أنه قليل من الناس يستطيع أن يصل إلى وسيلة علاجية أحسن من الوسائل التي وضعها خبراء الطب في تلك العصور. وذكر أرسطو في كتابه السياسة إن الطبيب كان يسمح له بتغيير العلاج المقرر، إذا لم يلاحظ تحسنا في حالة المريض على هذا العلاج، في مدى أربعة أيام، فإذا توفي المريض، بسبب هذا العلاج المخالف لما جاء في الكتاب المقدس،فإن الطبيب يدفع رأسه ثمنا لجرأته على نصيحة حياة مواطن في سبيل أمل خاطىء
عند الأشوريين
وكان الطبيب الآشوري إذا أخطأ أو لم ينجح في علاج مريض يلتمس لنفسه العذر من الإرادة العليا للآلهة، ويدل ذلك بوضوح على أنه يسأل عن خطئه
عند البابلبين
إن البابليين كانوا يتميزون بالتشديد في معاملة أطبائهم حتى أنه لم يكن يخلو من الخطر على الطبيب الآشوري، أن يبدي رأيا في مرض أو يحاول له علاجا ويؤيد ذلك النصوص الواردة في شريعة حمورابي ولا عجب من هذا التشدد أن يقول هيردوت، بعد ثمانية عشر قرنا من ذلك التاريخ إنه لم يكن هناك أطباء في بابل
عند اليهود
أما عند اليهود فلم يسمح للطبيب أن يمارس مهنته إلا بعد أخذ إذن بذلك من مجلس القضاء المحلي، وقد نص في التلمود على أنه: من حيث إن الطبيب قد أعطى له الإذن لأن يعالج، ومن حيث إن عمله فيه جانب الخير " أقصد الشفاء" فلا محل لأن يخشى الإقدام على العلاج، طالما أنه سائر على أصول المهنة على قدر تفكيره، ويفهم من ذلك أنه يكون مسئولا إذا لم يقصد من عمله إشفاء المريض، وإذا خالف أصول المهنة ولكنه لم يكن يسأل عما يحدث نتيجة نقص في كفايته والمفهوم بالاستنتاج العكسي أن المعالج غير المصرح له يسأل عن الأضرار التي تحدث نتيجة علاجه بل إن مثل هذا المعالج يسأل عن هذه الأضرار ولو عمل بغير أجر
عند الإغريق
أما عند الإغريق: فقد كانت الجزاءات التي توقع على الأطباء إما أن تكون أدبية أو مادية، فقد كتب أفلاطون: إن الطبيب يجب أن يخلى من كل مسئولية إذا مات المريض رغم إرادته ويمكن أن يستنتج من ذلك أن الطبيب يسأل في حالة ما إذا لم يعتني بمريضه العناية الواجبة: والواقع أن الطبيب عند الإغريق كان يسأل مسئولية الطبيب المصري القديم ولو أنه كان يترك له شيء من الحرية في علاجه وروى بلونارك كيف أن الاسكندر الأكبر، أمر بصلب الطبيب غلوكبس في الإسكندرية لأنه ترك صديقه أفستيون وكان قد أصيب بالحمى فنصحه بالصوم عن الطعام، بيد أن أفستيون خالف نصيحة الطبيب وجلس إلى المائدة، وأكل وشرب حتى شبع فمات، هذا الفعل يدل بلا ريب على اتجاه التفكير في هذا العصر بيد أن أفلاطون كان يشكو من عدم الرقابة على الأطباء فيقول: "إن الأطباء يأخذون أجرهم سواء شفوا المرضى أو قتلوه"، وهم والمحامون يستطيعون أن يقتلوا عملاءهم دون أن يتعرضوا لأية مسئولية، وخلاصة القول أن الطبيب في بلاد الإغريق كان يسأل جنائيا عن أحوال الوفاة التي ترجع إلى اي خطأ ليس فقط النقص في كفايته
عند الرومان
أما عند الرومان: فكانوا يستمدون احكامهم من قانون أكوبليا الصادر عام 287 قبل الميلاد، وهو القانون الخاص بجرائم الإضرار بأموال الغير، من رقيق وحيوان سواء أحدث الإضرار عمدا أو بغير عمد عن طريق الخطأ أو الإهمال، وكان يحكم على مرتكب الإضرار بموجب هذا القانون بالتعويض مع الغرامة أو بدونها حسب الظروف، وكان بمقتضى هذا القانون يعتبر خطأ موجبا للتعويض الجهل وعدم المهارة، وكان الطبيب يعتبر مسئولا عن التعويض إذا لم يبد دراية كافية في إجراء عملية لمريض، أو إعطائه دواء فمات به أو إذا تركه بعد العلاج، وكان قانون كورنيليا يميز في العقاب الذي يوقع على الطبيب الذي يرتكب جريمة من الجرائم التي ينص عليها طبقا لمركزه الاجتماعي فقد نص على أنه: إذا نجم عن دواء أعطى لأجل إنقاذ الحياة أو للشفاء من مرض إن توفي الذي أعطى إليه هذا الدواء ينفي المعطي في جزيرة إذا كان من طبقة راقية ويعدم إذا كان من طبقة وضيعة، بيد أنه بعد تقدم المدينة عند الرومان تمتع الأطباء بنوع من الحصانة تكاد تكون تامة من العقاب عن الأضرار التي تحدت نتيجة علاجاتهم وذلك بسبب الطبيعة التخمينية لمهنة الطب، وقد سلم القانون الروماني بهذه الطبيعة حيث يقرر أنه: إذا كان حادث الموت لا يصح أن ينسب إلى الطبيب فإنه يجب أن يعاقب على الأخطاء التي يرتكبها نتيجة جهله وأن من يغشون أولئك الذين يكونون معرضين للخطر لا يصح أن يخلو من المسئولية بحجة ضعف، المعارف البشرية
في أوروبا في العصور المظلمة
لم يكن هذا عصر الفتن والحروب فحسب بل كان عصر المجاعات والأوبئة ولم تعرف أوروبا في ذلك العهد شيئا عن النظام الصحي ففي هذه العصور المظلمة لا يمكن أن تنصرف أذهان الناس إلى الطب بل ضاعت كتب أبو قراط وجالينوس وظهـرت كتب التعاويذ والدجل، حتى أن الامبراطور شارلمان "868- 824" مع ما عرف عن عصره بالإصلاحات الواسعة لم يأمر بتعليم الطب للشبان إلا في أواخر أيام حياته عندما أحس بشيخوخته
في القانون الكنسي
لم يكن للمسيحية نفسها أثر يذكر في تحسين الناحية الطبية، بيد أن القانون الكنسي عنى بالشروط التي تباح لمزاولة المهنة على مقتضاها
على أن العصر على ما فيه من تأخر، عرف المسئولية الطبية بما يتفق وهذا التأخر فكان عند القوط الشرقيين إذا مات مريض بسبب عدم عناية الطبيب أو جهله يسلم الطبيب إلى أسرة المريض ويترك لها الخيار بين قتله واتخاذه رقيقا، أما عند القوط الغربيين فإنهم يعدون الأتعاب التي تعطى للطبيب مقابل الشفاء، فإذا لم يشف المريض اعتبروا العقد غير منفذ وبالتالي لا يحق للطبيب مطالبة المريض أو ورثته بالأجرة، وكتب زاكياس عن الأخطاء الطبية التي يعاقب عليها القانون الكنسي وفرق بين الإهمال والتدليس "أو سوء النية" وميز بين الخطأ اليسير جدا والخطأ اليسير والخطأ الجسيم والخطأ الجسيم جدا والخطأ الأكثر جسامة وقدر لكل واحدة منها عقابا خاصا مستمدا من القانون الكنسي أو من القانون الوضعي أو منهما معا، أما عن أخطاء الأطباء المعاقب عليها: فإن الطبيب لا يسأل عن وفاة المريض إذا لم يثبت حصول خطأ منه، فالخطأ لا يفترض إذا مات المريض، أما عن ناحية إهمال الطبيب فالمسئولية فيه مفترضة إذا أبطأ في الأمراض الخطيرة والمستعجلة وكان إبطاؤه سببا في تأخر وصف الدواء أو أنه وصف دواء غير ناجع أو أجل الفصد أو لم يفصد بالقدر الكافي أو اكتفى بدلا منه بالحجامة أو نحو ذلك
في عهد الصليبيين
وكانت محاكم بيت المقدس تحكم في عهد الصليبيين في القرنيين الثاني عشر والثالث عشر بأن الطبيب مسئول عن جميع أخطائه وجميع إهمالاته فإذا توفي الرقيق بسبب جهل طبيب فإنه يلتزم بدفع ثمنه لسيده، ويترك المدينة أما إذا كان المجني عليه حرا وكانت المسألة تتعلق بجرح بسيط أو سوء عناية لم يترتب عليه الموت تقطع يدي الطبيب ولا تدفع أتعابه أما إذا مات المريض فيشنق الطبيب، هذه القسوة دعت الأطباء قي كثير من الأحيان أن يحجموا عن التطبيب أو يشترطوا شروط عدم المسئولية كما حصل فيما رواه غليوم دي تير: من أن الملك أسوري الأول من ملوك أورشليم القدس "1162- 1173 " أصيب بمرض خطير ولكن الأطباء من أهل البلد رفضوا أن يعالجوه فلجأ إلى الأطباء الأجانب، فاشترطوا عليه أن يعدهم بعدم ترتيب أي عقاب عليهم في حال عدم نجاحهم
عند المسلمين
ولقد اكتسب المسلمون المعرفة الطبية من اليونان ومصر والهند... الخ. ولقد حافظ أطباء الحضارة الاسلامية العربية على تعاليم ابقراط في ميثاقه وبدء كتابه الطب، وادخلوا عليها بعفو التحسينات، وكانوا كلما أخذوا شيئا عن الآخرين دققوا فيه وأعادوا تشكيله حتى يساير المبادئ، ولم تكن مزاولة الطب خاضعة للترخيص من قبل الدولة في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، واستمر الأمر كذلك في عهود فجر الإسلام، ولقد ترك الإسلام لأولى الأمر حق التنظيم وأوجب الطاعة في غير معصية ولذا أقدم الخليفة العباسي المقتدر بالله سنة 319 هـ على منع سائر المتطببين من التصرف إلا من أمتحنه الطبيب سنان بن ثابت بن قره فسبق الخليفة بذلك سائر الدول، ولقد كان أيضا أمين الدولة هبة الله بن التلميذ عميدا لأطباء بغداد يتولى امتحان الأطباء في العراق، وعند المسلمسن ينشأ عن مخالفة الكثير من قواعد وآداب مزاولة الطب مسؤولية طبية تجاه كل مخالفة، ولقد لخص الحكم الفقهي الفقيه الطبيب الفيلسوف ابن رشد القرطبي الحفيد فقال: أما الطبيب وما أشبه إذا أخطأ في فعله وكان من أهل المعرفة فلا شيء عليه في النفس، والدية على العاقلة (يعني العصبة) فيما فوق الثلث وفي ما له فيما دون الثلث، وإن لم يكن من أهل المعرفة فعليه الضرب والسجن والدية، قيل في ماله وقيل على العاقلة. ولقد فصل ابن قيم الجوزية في الأحكام لأنها تختلف بين أن يكون الطبيب حاذقا لما أقدم على معالجته من أمراض أو غير حاذق، وتختلف بين حال عدم ارتكابه خطأ مهنيا وبين حال ارتكابه، وتختلف بين وجود إذن من المريض أو وليه أو عدم وجود إذن، واقترح أن يتحمل صندوق نقابة الأطباء أو صندوق التعاون ضمان ما ينتج عن خطا غير مقصود وغير ناتج عن تقصير، أما بدون اشتراط إعسار الطيب أو باشتراطه، أما المخالفات الأخرى لقواعد وآداب مزاولة الطب فمتروك تحديد جزائها وعقوباتها إلي أولى الأمر. ولقد عرف الأطباء المسلمون مثل الرازي وابن سينا الطب على أنه الفن المتعلق بحفظ الصحة ومقاومة المرض وإعادة الصحة للمريض، وقد شهد العالم لقرون طويلة تقدم الأطباء المسلمين الهائل في مجال العلوم الطبية واستفاد من ذلك أيما فائدة ولم يكن هذا التقدم قائما على المهارة أو الذكاء فحسب بل كان يعتمد بنفس الدرجة على الفهم الواضح للطبيب المسلم لدوره مستمدا من تعاليم الإسلام وفلسفته.
القاعدة الشرعية في المسئولية الطبية تنص على أن كل من يزاول عملا أو علما لا يعرفه يكون مسئولا عن الضرر الذي يصيب الغير نتيجة هذه المزاولة، وفي مجال مسئولية، الطبيب الجاهل حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم" من تطبب ولم يكن بالطب معروفاً، فأصاب نفسا فمـا دونها، فهو ضامن وقد أجمع الفقهاء على وجوب منع الطبيب الجاهل- الذي يخدع الناس بمظهره ويضرهم بجهله- من العمل، وقد رتب علماء الشريعة الاسلامية على ذلك ان الطبيب الجاهل اذا أوهم المريض بعلمه فأذن له بعلاجه لما ظنه من معرفته، فمات المريض أو اصابه ضرر من جراء هذا العلاج، فان الطبيب يلزم بدية النفس أو بتعويض الضرر على حسب الأحوال، ولكنهم ينفون عنه القصاص استنادا إلى أن الطبيب الجاهل اذا كان قد عالج المريض فقد عالجه باذنه، وفي ذلك يقول الخطابي: لا أعلم خلافا في ان المعالج اذا تعدى فتلف المريض كان ضامنا، أما الطبيب الحاذق فلا يسأل عن الضرر الذي يصيب المريض، ولو مات المريض من جراء العلاج، ما دام المريض قد اذن له بعلاجه، ولم يقع من الطبيب خطأ في هذا العلاج، بل كان الضرر او الموت الحاصل نتيجة امر لم يكن في حسبان الطبيب وهو ما يسميه الفقهاء المحدثون -أمرلا يمكن توقعه او تفاديه- ومن القواعد المقررة في الشريعة الاسلامية ان عمل الطبيب عند الاذن بالعلاج أو عند طلبه يعد واجبا، والواجب لا يتقيد بشرط السلامة، ولو ان واجب الطبيب متروك لاختياره وحده ولاجتهاده العلمي والعملي، فهو أشبه بصاحب الحق لما له من السلطان الواسع والحرية في اختيار العلاج وكيفيته وعلى ذلك اجماع الفقهاء ولكنهم يختلفون في تعليل انتفاء المسئولية عن الطبيب. فرأى ابو حنيفة ان العلة ترجع الى الضرورة الاجتماعية واذن المجنى عليه أو وليه. ورأى الشافعي وأحمد بن حنبل ان العلة ترجع إلى اذن المجنى عليه، وان الطبيب يقصد صلاح المفعول ولا يقصد الاضرار به، ورأى مالك أن العلة هي اذن الحاكم أولاً وإذن المريض ثانياً، وباجتماع هذين الشرطين لا مسئولية على الطبيب الا إذا خالف أصول الفن أو أخطأ في فعله.
والخلاصة ان الطبيب الحاذق في الشريعة الاسلامية الذي يكون بمنأى عن المسألة هو الذي يعطي الصناعة حقها ويبذل غاية جهده، فلا يقصر في البحث او الاجتهاد كأن يهمل في فحص المريض أو يتسرع في وصف دواء لمريض فيترتب على ذلك ضرره أو وفاته. وقد نص فقهاء الشريعة على وجوب الضمان على الطبيب الذي يحصل منه مثل هذا التهاون بما يندرج تحت مضمون الخطأ الفاحش، لان فيه تعديا على الأرواح بالاتلاف، وقد أجمعوا على أن التقصير من التعدي، وعلى وجوب الضمان عند ذلك ان لم يجب القصاص. وهم يفرقون بين الخطأ والتقصير، فالأول لا عدوان فيه والئاني فيه عدوان، وعندهم أن ترتيب مغارم مالية على الطبيب الذي يقع منه مجرد الخطأ بغير تقصير من شأنه ان يؤدي الى احجام الاطباء عن الاقدام على العلاج، وفي ذلك الاحجام اضرار بالمرضى. ئم انه لا يصح أن يغرم مالا من تحدوه الرغبة في انقاذ الناس، فضلا عن أن عمل الطبيب- كما ذكرنا- قيام بواجب شرعي، ومن يقع منه خطأ في اثناء قيامه بمثل هذا الواجب فانه لا يسأل عنه الا اذا كان قد وقع منه بالتقصير.
الإذن الطبي
الإذن الطبي هو موافقة المريض وإقراره على اي إجراء يراه الطبيب المعالج مناسباً لوضعه الصحي بدءاً من المعاينة والفحص إلى الإجراءات الجراحية أو الإشعاعية أو الدوائية اللازمة لتشخيص مرضه أو علاجه، والإذن الطبي في الطب الحديث هو عقد بين الطبيب والمريض يلتزم فيه الطبيب بعلاج المريض وفق أحدث الأصول المهنية المتعارف عليها بين زملاء المهنة، وتختلف صور العقد بين موافقة ضمنية وموافقة صريحة وعقد مكتوب يشهد عليه شاهدان مع الطبيب والمريض وقد ينوب عن المريض أحد أقربائه إذا لم يكن كامل الأهلية ولا يصح الإذن بالإكراه أو الاستغلال أو الإغراء لغرض إجراء البحوث الطبية أو التدريب وخلافه، ويستثنى من الإذن الطبي الحالات الخطرة التي تهدد حياة المريض بالموت أو عضو من أعضائه بالتلف وكان فاقداً للوعي أو مريضاً نفسياً ولم يحضر وليه وكذلك الحالات التي تقتضيها المصلحة العامة كالأمراض المعدية بالتحصين وخلافه، وأنواع الإذن الطبي إذن مقيد لإجراء معين كالختان مثلاً أو إذن مطلق وهو الأنسب للطبيب و خاصة أثناء الجراحة إذ قد يعرض له ما يستوجب إزالته في وقته وللمريض الإذن بالتبرع بأحد أعضائه قبل موته أو بعده إذا لم يكن مكرهاً ولم يكن في ذلك خطر محقق على حياته أثناء أ وبعد نزعه وغلب على الظن نجاح زرعه لمن احتاجه ضرورة، وليس للمريض الإذن فيما لا يملك الحق به كأن يطلب الإذن بإعطائه دواء يقتله (موت الرحمة) وهذا يوجب القصاص على الطبيب في أحد قولي العلماء والدية في القول الأخر، أما فيما دون القتل كتغيير الجنس أو تغيير خلق الله للعبث فيعزر الطبيب وكذلك الصيدلي إذا ركب أدوية مخدرة وباعها لمن يستخدمها في غير العلاج، أما إذا لم يتعمد الطبيب وحصل من تدخله الجراحي أو غيره تلف فلا ضمان على الطبيب اتفاقاً ما دام أخذ إذن المريض وكان التدخل مباحاً أخذاً بالقاعدة الشرعية (الجواز الشرعي ينافي الضمان)
أحدث قسم للأطباء
وقد اعتمد المؤتمر العالمي الأول للطب الإسلامي الذي عقد في الكويت في ربيع الأول 1401هـ- يناير 1981 م في إطار الدستور الإسلامي للمهنة الطبية قسما شاملاً تم إقراره من مجلس وزراء الصحة العرب ويتم تعميمه في أغلب الدول العربية
قسم الطبيب
أقسم بالله العظيم
أن أراقب الله في مهنتي.. وأن أصون حياة الإنسان في كافة أدوارها.. في كل الظروف والأحوال باذلا وسعي في استنقاذها من الهلاك والمرض والألم والقلق. وأن أحفظ للناس كرامتهم. وأستر عورتهم. وأكتم سرهم. وأن أكون على الدوام من وسائل رحمة الله، باذلا رعايتي الطبية للقريب والبعيد، والصالح والخاطىء، والصديق والعدو. وأن أثابر على طلب العلم. أسخره لنفع الإنسان.. لا لأذاه. وأن أوقر من علمني. وأعلم من يصغرني. وأكون أخا لكل زميل في المهنة الطبية متعاونين على البر والتقوى. وأن تكون حياتي مصداق إيماني في سري وعلانيتي، نقية مما يوشي لها تجاه الله ورسوله والمؤمنين.
والله على ما أقول شهيد
الشروط الواجب توفرها في الطبيب
ا. يجب أن يكون الطبيب شخصاً مؤهلاً مواكباً ركب العلم
يجب أن يكون الطبيب شخصاً مؤهلاً يمارس الطب ويعالج المرضى، وهومحصوراً على كل من نال شهادة جامعية تجيز له ممارسة الطب وفق القواعد العلمية المقرة عند أهل هذا العلم، فلا ينبغي أن يمارس الطبابة إلا الطبيب المعتبر بحكم الأنظمة والأعراف التي يتعامل بها الناس، وأن يأذن ولي الأمر بمزاولة المهنة، ويجب على الطبيب أن يصل نفسه بركب العلم فيواكب تقدمه، وأن يكون متابعاً لأحدث ما توصل إليه العلم من حقائق واكتشافات طبية، لكي يكون ناصحاً لمرضاه، فالطبيب مسئوليته عن غيره تجعل وقته ليس خالصاً له ينفقه كيفما شاء، وعليه أن يقدم لمرضاه أفضل ما توصلت إليه العلوم الطبية من معلومات وطرق علاج، فالطبيب محتاج إلى قدر كبير من المعلومات كي يستطيع معالجة المرضى وتشخيص حالاتهم، والطبيب مضطر إلى متابعة الحقائق العلمية والأبحاث الطبية أو المستجدات في هذا العلم، وينبغي على الطبيب أن ينشر العلم بين الناس لتعليمهم القواعد الصحية التي تقيهم الأمراض، فلا يجوز له أن يكتم العلم عن الناس ويجب على الطبيب المداومة على تعليم المهنة لطلابه ومريديه وزملائه، وضرورة متابعة التطورات والدورات والمؤتمرات الطبية في مجال اختصاصه فالتعليم الطبي مستمر لايتوقف والطبيب الناجح هو الذي يستطيع أن يختار الافضل والجديد لمرضاه
ب. ان يشهد بالحق وان لايمتنع عن علاج أي مريض إلا بمبرر شرعي أو علمي مقبول
يجب على الطبيب إن أدلى بشهادة أو كتب تقريراً طبياً أن يكون مطابقاً للحقيقة، وأن لا تدفعه نوازع القربى أو الصداقة أو المودة أن يدلي بشهادة تخالف الواقع، وأن لا يشهد الزور، وان لايكتب تقرير دون ان يرى المريض ويعرف حالته. ولا يجوز للطبيب أن يمتنع عن إعطاء المريض تقريراً طبياً عندما يطلب منه ذلك، وفق الشروط المتعارف عليها عند أهل الطب، وبما أن التقرير من أنواع الشهادة قال الله تعالى (ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه). كما لايجوز للطبيب أن يمتنع عن علاج أي مريض إلا بمبرر شرعي أو علمي مقبول، ولا يجوز له أن يصف له دواء إلا إذا غلب على ظنه بفائدته، وأن يمتنع أن يعطي مرضاه العلاجات المحرمة شرعاً كالإجهاض وغيره من الممارسات المحظورة، إلا لضرورة معتبرة شرعاً
ج. ان يراعي حسن الهيئة والهندام ويبتعد عن الشبهات
ينبغي على الطبيب مراعاة حسن الهيئة وتناسب اللباس حتى ينال احترام الناس، ولكي لا تتزعزع ثقة المرضى فيه، وعدم الإكثار من المزاح مع المرضى، ويجب أن يبتعد عن الشبهات، فلا يشارك في أي نشاط لا يتفق مع شرف المهنة، ولا ينبغي للطبيب أن يمارس مهنة أخرى تتعارض مع مهنة الطب، كأن يعمل في صيدلة إلى جانب عمله كطبيب، لأن في هذا شبهة أن يصف لمرضاه بعض الأدوية التي تعود بالربح من صيدليته الخاصة دون أن يكون هناك حاجة لوصف هذا الدواء، فتكون النتيجة أن تتناقل الناس تصرفاته وتضخمها وتزيد عليها ما يسوؤه ويشينه، حتى يصبح هذا الطبيب سيئ السمعة منتهك العرض قبيحا في أعين الناس.
د. ان يكون صبوراً وان يصارح المريض بعلته بحكمة ولطف
لا شك في أن مهنة الطب من أنبل المهن وأشرفها، وكفاها شرفاً وكفى أهلها فخراً أن جعلها الله إحدى معجزات عيسى عليه السلام، قال تعالى على لسان المسيح:{وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله}، فحينما يتعامل الطبيب مع مرضاه ومراجعيه فإنه قد يتعرض إلى العديد من المشكلات أو إلى بعض الكلمات التي تجرح شعوره وربما يتعرض إلى إيذاء شديد، فينبغي عليه أن يتحلى بالصبر الجميل يقول تعالى {وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور} وقال عز من قائل (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغيرحساب)، وعلى الطبيب أن يصارح المريض بعلته إن طلب المريض ذلك، وأن تكون المصارحة مبنية على الحكمة في القول واختيار أعذب الألفاظ، وذلك باستخدام العبارات المناسبة، فيخاطب كلاً على قدر شخصيته ومستواه العقلي، وعليه أن يتلطف لمرضاه، ويعمل على تذكير المريض بربه ومولاه وخالقه، وأن يوثق رباطه بالله حتى يهون عليه مرضه وتطمئن نفسه، وينبغي على الطبيب أن ينفس على مرضاه وأن يبتسم في وجوههم وان يحافظ على علاقة متميزة مع مرضاه وعائلاتهم.
ه. ان يكون اميناً متواضعا لله
الطبيب يحمل أمانة المحافظة على صحة المرضى ورفع الضرر عنهم، فيجب عليه الالتزام بخلق الدين، مراقبا الله في كل تصرفاته، فالطبيب يستطيع الدخول إلى قلوب مرضاه دون أن ينطق بكلمة واحدة، وذلك عن طريق الصفات الكريمة والأخلاق الحميدة، وينبغي على الطبيب أن يتواضع لله تعالى ويشكره على أن وفقه لهذه الخدمة الجليلة، وأن لا يزين له الشيطان أن الشفاء يتم بعلم الطبيب وذكائه وفطنته، بل يرجع السبب إلى توفيق الله، وأن الطبيب بشر تجري على يديه أقدار الله جل وعلا بتوفيقه ومشيئته وإرادته وحكمه وعدله، الطبيب لايشفي ولايطيل العمر وأن لا يستغل منصبه من أجل منافع شخصية، فالضغوط المادية التي يعيشها المجتمع، والأطباء منهم، قد تغري البعض بممارسات طبية غير أكاديمية أو غير أخلاقية، كالتسرع في وضع التشخيص دون إجراء التقصي الكافي و/ أو ـوهو الأخطرـ التسرع في اقرار العلاج، لاسيما الجراحة، بغية الكسب المادي ويجب ان يحافظ الطبيب على تقاليده ومبادئه الأخلاقية، حتى في زمن تغيرت فيه المبادئ وتشوهت التقاليد.
و. ان يحافظ على أسرار المرضى ويستمع إليهم بأذن صاغية
ينبغي على الطبيب عدم تجاهل المريض وان ينادي المريض باسمه وان يحفظ أسرار الناس ويستر عوراتهم، لأن المريض يكشف أستاره طواعية أمام الطبيب، فيجب على الطبيب أن يصون أية معلومة وصلت إليه، فالأسرار التي يُطّلع عليها بمقتضى المهنة، كالطبيب، يجب عليه كتمانها إلا إذا أذن صاحب السر بإفشائه، ويستثنى من وجوب كتمان السر الحالات التي يؤدي فيها كتمانه إلى ضرر يفوق ضرر إفشائه، كإبلاغ الجهات المختصة بإصابة المريض بمرض وبائي، ويجب على الطبيب أن يعطي المريض فرصة للحديث وأن لا يقاطعه وأن ينصت إليه، بل منحه فرصة أخرى لإضافة أي شيء ربما نسيه أو غفل عنه فعلى الطبيب أن يكون بارعاً في الإنصات لمرضاه بالأذن وطرف العين وحضور القلب وعدم الإنشغال بتحضير الرد وعدم الاستعجال بالرد قبل إتمام الفهم، ويجب أن ينصت وينتبه إلى ما قيل أو ما أراد المريض قوله ولكن عجز عن الإفصاح عنه ما عناه المريض فعلاً،ويجب ان يشعر بشعور المرضى فيفرح لفرحهم ويتألم لألمهم، أكثر ما يؤلم المريض ويفقده الثقة بطبيبه هو إحساسه أن هذا الطبيب لا يتفهم معاناته ولا يحس بها بل وربما يتجاهلها وأن يعلم طبيب المستقبل أن هذه المهنة مهنة متعبة، وفيها الكثير من التضحية في الوقت، فالمريض يحتاج إلى تعاطف معه، فيجب أن يكون طبيب المستقبل متفانيا في الخدمة، فالطب يحتاج إلى فكر ذو نظرة شمولية وعمق وفراسة في الوقت نفسه، وليعلم طبيب المستقبل أنه أمام تحديات ذهنية عالية تحتاج إلى عقل مستنير، ينظر نظرة تلسكوب ونظرة ميكروسكوب في الوقت نفسه.
ز. ان يعرف الأحكام الشرعية
ينبغي على الطبيب أن يتوفر له الحد الأدنى من الدراية بعلوم الفقه وأحكام العبادات، لأن الناس سوف يستفتونه في أمورهم الصحية ذات الصلة بالعبادات، وينبغي له أن يلم ببقية الأحكام المتعلقة بالصحة والمرض إجمالا، لأن هذه المعرفة تحميه وتساعد مرضاه في عدم الوقوع في محظور من المحظورات، ولا يجوز للطبيب أن يتوسع في قاعدة الضرورات تبيح المحظورات، وأن لا يكشف من العورة إلا بقدر ما تستدعيه المعاينة لان الضرورات تقدر بقدرها.
س. ان يحترم تخصصه الطبي
على الطبيب أن يحترم تخصصه الطبي إذ أن الاختصاصات الطبية متعددة ومتنوعة، وينبغي على الطبيب ألا يتوانى عن استشارة إخوانه الأطباء إن حيره أمر ما، أو داخله شك معين في طلب المشورة تحقيقاً لمصلحة المريض، كما يجب عليه أن يقدم مشورته بصدق وأمانة ودون تردد إذا ما طلب منه ذلك ويجب أن يقوم بإحالة المشكلات الطبية المعقدة إلى ذوي التخصص فيها عملا بالآية {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}، ولا يعني هذا ان تنحصر اهتمامات الطبيب في تخصصه فحسب، بل عليه أن يلم إلماما معقولا بالخطوط العامة والعريضة لبقية الاختصاصات الأخرى
ش. أن لايهدر حياة المريض ولو بدافع الشفقة
لا يجوز للطبيب أن يهدر حياة المريض بدافع الشفقة، لأنه قتل للنفس التي حرم الله، ولا يجوز للطبيب أن يساعد على إنهاء حياة المريض بأي حال من الأحوال، كقتل مريض ميئوس من شفائه بحجة تخفيف آلامه والشفقة عليه، حتى لو كان ذلك بناء على طلب المريض أو ذويه، ولا علاقة لذلك باعلان موت من تحقق موته بموت كامل دماغه بما في ذلك جذع الدماغ، ويصوغ له في هذه الحالة رفع اجهزة الانعاش حتى وان كانت بعض اعضائه تعمل، فنفخ الهواء في رئيتي من ثبت موته قد يرقى الى المٌثلى
ص. ان يعلم الاطباء ولاينتقدهم أمام المرضى وان يحافظ على العلاقات الطيبة مع إخوانه الأطباء
لا يجوز للطبيب أن يكثر الحديث عن نفسه فيذكر محاسن عمله ودقة إنجازاته وأعماله، وبالمقابل ينتقص من إخوانه الأطباء، فالطبيب أخ لكل طبيب وزميل له في هذه الرسالة الإنسانية المباركة، فينبغي أن يسود بينهم الحب والتعاون على البر والتقوى مصداقا لقوله تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} فيجب على الطبيب أن يعامل زملاءه كما يحب أن يعاملوه فالطبيب أخو الطبيب يوقر حضرته ويحفظ غيبته، ويتجنب إساءته ويقدم له العون والنصح والمشورة كلما دعت الحاجة، ولا يأكل لحمه، ولا يكيد له ولا يحقد عليه، ولا يتبع عورته ويراعي دوماً علاقات متميزة مع المؤسسات الطبية المختلفة مثل الجمعيات العلمية ونقابات الأطباء وغيرها، إن مثل هذه العلاقات المتميزة ستساعد كثيراً في حال حدوث أية مشكلة، وعلى الطبيب أن يبذل كل ما في وسعه في تعليم الأطباء الذين يعملون ضمن فريقه الطبي أو من هم تحت التدريب، والحرص على إفادتهم بما يملك من خبرات ومعلومات ومهارات، وإعطائهم الفرصة للتعلم وتطوير مهاراتهم، وقد يتطلب ذلك التدرج في إسناد مهام العناية بالمريض إليهم وفي هذه الأحوال يبقى الطبيب مسؤولاً عن ضمان تلقي المريض للعناية الكاملة وملزماً بالإشراف الكافي على ذلك، وأن يتوخَّى الدقَّة والأمانة في تقويمه لأداء من يعملون معه أو يتدربون تحت إشرافه، فلا يبخسَ أحداً حقه، ولا يبالغ في مدحه والثناء عليه، ولا يساويَ في التقويم بين المجتهد والمقصِّر وعلى الطبيب أن يكون مستعداً للقيام بمراجعــــة نقدية للأداء المهني لزمـلاءه وان يقبل بذلك على نفسـه، وأن يجتهـد في أن لا تؤثـر العلاقة المهنية أو الشخصية على نتيجـة التقويـم تلك إن سلباً أو إيجابا،ً ومن المستحسن أن لا يتقاضى الطبيب أتعاباً مقابل علاج زملائه الأطباء. لا يجوز للطبيب أن يسعى لمزاحمة زميل له بطريقة غير شريفة، وعلى الطبيب تسوية أيِّ خلاف قد ينشأ بينه وبين أحد زملائه بالطرق الودِّية؛ فإن لم يُسَوَّ الخلاف، يبلغ الأمر إلى الجهة المختصَّة للفصل فيه، وعلى الأطباء أثناء ذلك الابتعاد عن التصرفات غير النزيهة، أو أساليب الغش والتدليس، أو السلوكيات العنيفة، وعلى الطبيب أن يحترم زملاء المهنة من هيئة التمريض والفنيين وغيرهم، وأن يقدِّر دورهم في علاج المريض أو العناية به، وأن يبني علاقته بهم على التعاون بما يخدم مصلحة المرضى، وأن يبدي ملاحظاته المهنية لهم بطريقة لائقة، متجنِّباً نقدهم أمام المرضى، وأن يستمع إلى ملاحظاتهم ونقدهم وتحفظاتهم بالنسبة لتعليماته العلاجية بنظرة موضوعية وبدون تعالٍ، وعليه أيضاً التأكُّد من التزامهم بمبادئ وأخلاقيات المهنة ومن جهة أخرى، على الطبيب أن يدرك دوره في المساهمة في تقدُّمهم العلمي والمهني، فيبذل الجهد في تعليمهم وتدريبهم وتوجيههم
ض. ان يهتمم بالسجلات الطبية وموافقة المريض على كل خطوة علاجية او تشخيصية وان يفكر في المضاعفات وإن لايجري تجارب علمية على المريض إلا بشروط
يجب ان يعمل على ان تكون ملفات وسجلات المرضى مكتملة وغير ناقصة، ويدون عليها كل المعلومات ويعلم أن المعلومات الغير مدونة تسقط قيمتها مهما كانت ذات أهمية عند حدوث أية مشكلة طبية. يجب تسجيل كل المعلومات ولاسيما المرضية منها على ملفات المرضى هذا بالإضافة إلى التشخيص التفريقي وأسباب اختيار العلاج الدوائي أو الجراحي. ويعلم أنه في اللحظة التي يصبح فيها ملف المريض وثيقة تملكها المحكمة فإن الشكوك حول مصداقية المعلومات الواردة فيها ستثار في حال وجود شطب للمعلومات أو إضافات جانبية وإذا اضطر لذلك فيجب عليه ذكر سبب الإضافة أو الشطب مع وضع التاريخ الحقيقي لهذه التغييرات، وان ينتبه الطبيب إلى ضرورة أخذ موافقة المريض على المعالجة ولكن بعد إطلاعه وبدقة على الحالة المرضية وأسلوب العلاج والمضاعفات التي يمكن أن تحدث ويناقش مع مرضاه أو مع عائلاتهم إذا لزم الأمر فوراً ودون أي تأخير أي مضاعفات أو أية مشاكل قد تطرأ أثناء سير المرض وخاصة أثناء العلاج كما يجب على الطبيب إبلاغ المريض أو ذويه بالمضاعفات التي حدثت وبالأخطار التي قد تنشأ عنها ، مؤكداً في نفس الوقت عزمه على إيجاد الحلول المناسبة، ولا يجوز للطبيب إجراء أي بحث علمي فيه مخالفة شرعية، كذلك لا يجوز إجراء التجربة إلا بعد الحصول على موافقة المريض الشخصية، ولا يجوز استغلال حاجة المريض المادية كالفقر أو استغلال الوضع الاجتماعي للمريض كالمسجون أو المجنون، كما يجب عليه أن يعرّف المريض بمراحل البحث وطبيعة التجارب والأخطار المتوقعة دون تدليس أو خداع
ع. ان يتفهم الحالة المادية للمريض ويجعل أسلوب ممارسته للطب متناسبة مع هذه الحالة ويوضح للمريض التكلفة المادية للعلاج
إن المغالاة في طلب التحاليل المخبرية والفحوص الشعاعية تجعل المريض يتهرب من إكمال العلاج كذلك الأمر في كتابة الوصفات الطبية الغالية الثمن كما ويجب أن نكون دقيقين في اقرار العلاج الجراحي وإعلام المريض بالتكاليف الجراحية الضرورية وحتى الإضافية منها والتي قد تصبح مؤكدة في حال فشل الجراحة أو حدوث أي مضاعفات ويجب أن يكون الطبيب مستعداً نفسياً وجسدياً للذهاب لرؤية مريضه كلما دعت الحاجة لذلك
شروط الوصفة الطبية
ا. تحرير الوصفة بخط واضح منعا للالتباس وتجنبا لوقوع الصيدلاني في الخطأ
ب. على الطبيب أن يشرح للمريض كيفية استخدام الدواء وفترة الاستعمال والتأثيرات الجانبية التي قد تظهر من جراء استخدام الدواء
ج. يجب الاحتفاظ بصورة من الوصفة الطبية في ملف المريض أو تدوين الأدوية في ملف المريض
د. لا يجوز وصف دواء محرم كالمخدرات وغيرها الا في الضرورة
ه. لا يجوز للطبيب أن يصف دواء غير لازم للمريض، لأن هذا من الغش الذي نهانا عنه النبي – صلى الله عليه وسلم